بَقِيَ مِنْ الْمُفْسِدَاتِ ارْتِدَادٌ بِقَلْبِهِ وَمَوْتٌ وَجُنُونٌ وَإِغْمَاءٌ، وَكُلُّ مُوجِبٍ لِوُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ. وَتَرْكُ رُكْنٍ بِلَا قَضَاءٍ
ــ
رد المحتار
فِي مَعْنَاهُ؛ وَلَوْ جَامَعَهَا وَلَوْ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ تَفْسُدُ صَلَاتُهَا فَكَذَا إذَا قَبَّلَهَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مِنْ دَوَاعِيه، وَكَذَا لَوْ مَسَّهَا بِشَهْوَةٍ، بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ فَاعِلَةً لِلْجِمَاعِ فَلَا يَكُونُ إتْيَانُ دَوَاعِيهِ مِنْهَا فِي مَعْنَاهُ مَا لَمْ يَشْتَهِ الزَّوْجُ. فِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِ الْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا بِشَهْوَةٍ يَصِيرُ مُرَاجِعًا وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، فِي رِوَايَةٍ هُوَ الْمُخْتَارُ، وَهَذَا يُشْكِلُ عَلَى الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا هُوَ مِنْ دَوَاعِي الْجِمَاعِ وَلِذَا صَارَ مُرَاجِعًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ فَسَادُ الصَّلَاةِ يَتَعَلَّقُ بِالدَّوَاعِي الَّتِي هِيَ فِعْلُ غَيْرِ النَّظَرِ وَالْفِكْرِ وَأَمَّا النَّظَرُ وَالْفِكْرُ فَلَا يَفْسُدَانِ عَلَى مَا مَرَّ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهُمَا بِخِلَافِ فِعْلِ سَائِرِ الْجَوَارِحِ اهـ هَذَا، وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ عَنْ شَرْحِ الزَّاهِدِيِّ أَنَّهُ لَوْ قَبَّلَ الْمُصَلِّيَةَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهَا، وَمِثْلُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ
(قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْحَلَبِيُّ) عِبَارَتُهُ مَعَ مَتْنِ الْمُنْيَةِ (وَلَوْ ضَرَبَ إنْسَانًا بِيَدٍ وَاحِدَةٍ) مِنْ غَيْرِ آلَةٍ (أَوْ) ضَرَبَهُ (بِسَوْطٍ) وَنَحْوِهِ (تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ) وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ مُخَاصَمَةٌ أَوْ تَأْدِيبٌ أَوْ مُلَاعَبَةٌ وَهُوَ عَمَلٌ كَثِيرٌ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. اهـ. ثُمَّ قَالَ مَعَ الْمَتْنِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ (وَلَوْ أَخَذَ الْمُصَلِّي حَجَرًا فَرَمَى بِهِ طَائِرًا) وَنَحْوَهُ (تَفْسُدُ صَلَاتُهُ) لِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ (وَلَوْ) كَانَ (مَعَهُ حَجَرٌ فَرَمَى بِهِ) الطَّائِرَ أَوْ نَحْوَهُ (لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ) لِأَنَّهُ عَمَلٌ قَلِيلٌ (وَ) لَكِنْ قَدْ (أَسَاءَ) لِاشْتِغَالِهِ بِغَيْرِ الصَّلَاةِ؛ وَلَوْ رَمَى بِالْحَجَرِ الَّذِي مَعَهُ إنْسَانًا يَنْبَغِي أَنْ تَفْسُدَ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا ضَرَبَهُ بِسَوْطٍ أَوْ بِيَدِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُخَاصَمَةِ عَلَى مَا مَرَّ. اهـ.
قُلْت: لَكِنَّ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ خِلَافُ مَا فِي الْأَصْلِ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ صَلَاتَهُ تَامَّةٌ، وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْحَجَرُ فِي يَدِهِ أَوْ أَخَذَهُ مِنْ الْأَرْضِ. اهـ. وَفِي الْحِلْيَةِ أَنَّ ظَاهِرَ الْخَانِيَّةِ يُفِيدُ تَرْجِيحَهُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْإِطْلَاقَ ثُمَّ حَكَى التَّفْصِيلَ بِقِيلَ
(قَوْلُهُ بَقِيَ مِنْ الْمُفْسِدَاتِ إلَخْ) قُلْت: بَقِيَ مِنْهَا أَيْضًا: مُحَاذَاةُ الْمَرْأَةِ بِشُرُوطِهَا، وَاسْتِخْلَافُهُ مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ، وَخُرُوجُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ بِلَا اسْتِخْلَافٍ، وَوُقُوفُهُ بَعْدَ سَبْقِ الْحَدَثِ قَدْرَ رُكْنٍ، وَأَدَاؤُهُ رُكْنًا مَعَ حَدَثٍ أَوْ مَشْي، وَإِتْمَامُ الْمُقْتَدَى الْمَسْبُوقِ بِالْحَدَثِ صَلَاتَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الِاقْتِدَاءِ، وَكُلُّ ذَلِكَ تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا الْبَابِ وَكَذَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَلِكَ تَذَكُّرُ فَائِتَةٍ لِذِي تَرْتِيبٍ، وَوُجُودُ الْمُنَافِي بِلَا صَنْعَةٍ قَبْلَ الْقَعْدَةِ اتِّفَاقًا، وَبَعْدَهَا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ فِي الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةَ، لَكِنَّ بَعْضَ هَذِهِ يُفْسِدُ وَصْفَ الْفَرْضِيَّةِ لَا أَصْلَ الصَّلَاةِ، كَمَا لَوْ قَيَّدَ الْخَامِسَةَ بِسَجْدَةٍ قَبْلَ الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ.
(قَوْلُهُ ارْتِدَادٌ بِقَلْبِهِ) بِأَنْ نَوَى الْكُفْرَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ أَوْ اعْتَقَدَ مَا يَكُونُ كُفْرًا ط (قَوْلُهُ وَمَوْتٌ) أَقُولُ: تَظْهَرُ ثَمَرَتُهُ فِي الْإِمَامِ لَوْ مَاتَ بَعْدَ الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِينَ بِهِ، فَيَلْزَمُهُمْ اسْتِئْنَافُهَا، وَبُطْلَانُ الصَّلَاةِ بِالْمَوْتِ بَعْدَ الْقَعْدَةِ قَدْ ذَكَرَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسَائِلِ الَّتِي زَادَهَا عَلَى الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةَ. وَلَا تَظْهَرُ الثَّمَرَةُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِيمَا لَوْ كَانَ أَوْصَى بِكَفَّارَةِ صَلَوَاتِهِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ آخِرُ الْوَقْتِ، وَهُوَ لَمْ يَكُنْ فِي آخِرِ الْوَقْتِ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: سَافَرَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ كَانَ عَلَيْهِ صَلَاةُ السَّفَرِ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ إلَّا قَدْرُ مَا يَسَعُ فِيهِ بَعْضَ الصَّلَاةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ إغْمَاءً طَوِيلًا، أَوْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا أَوْ حَاضَتْ الْمَرْأَةُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ يَسْقُطُ كُلُّ الصَّلَاةِ، فَإِذَا سَافَرَ يَسْقُطُ بَعْضُ الصَّلَاةِ اهـ فَافْهَمْ (قَوْلَهُ وَجُنُونٌ وَإِغْمَاءٌ) فَإِذَا أَفَاقَ فِي الْوَقْتِ وَجَبَ أَدَاؤُهَا، وَبَعْدَهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ مَا لَمْ يَزِدْ الْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ.
(قَوْلُهُ وَكُلُّ مُوجِبٍ لِوُضُوءٍ) تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ النَّهْرِ، وَفِيهِ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ مُفْسِدٍ كَالْمَسْبُوقِ بِالْحَدَثِ كَمَا مَرَّ، فَالْأَوْلَى قَوْلُ الْبَحْرِ: وَكُلُّ حَدَثٍ عَمْدٍ ط (قَوْلُهُ وَتَرْكُ رُكْنٍ بِلَا قَضَاءٍ) كَمَا لَوْ تَرَكَ