(وَافْتِرَاشُ) الرَّجُلِ (ذِرَاعَيْهِ) لِلنَّهْيِ
(وَصَلَاتُهُ إلَى وَجْهِ إنْسَانٍ) كَكَرَاهَةِ اسْتِقْبَالِهِ، فَالِاسْتِقْبَالُ لَوْ مِنْ الْمُصَلِّي فَالْكَرَاهَةُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُسْتَقْبِلِ وَلَوْ بَعِيدًا وَلَا حَائِلَ (وَرَدُّ السَّلَامِ بِيَدِهِ) أَوْ بِرَأْسِهِ كَمَا مَرَّ.
فَرْعٌ
لَا بَأْسَ بِتَكْلِيمِ الْمُصَلِّي وَإِجَابَتِهِ بِرَأْسِهِ كَمَا لَوْ طُلِبَ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ أُرِيَ دِرْهَمًا وَقِيلَ أَجَيِّدٌ فَأَوْمَأَ بِنَعَمْ أَوْ لَا أَوْ قِيلَ كَمْ صَلَّيْتُمْ فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنَّهُمْ صَلَّوْا رَكْعَتَيْنِ، أَمَّا لَوْ قِيلَ لَهُ تَقَدَّمْ فَتَقَدَّمَ أَوْ دَخَلَ أَحَدٌ الصَّفَّ فَوَسَّعَ لَهُ فَوْرًا فَسَدَتْ ذَكَرَهُ الْحَلَبِيُّ وَغَيْرُهُ، خِلَافًا لِمَا مَرَّ عَنْ الْبَحْرِ.
(وَ) كُرِهَ (التَّرَبُّعُ) تَنْزِيهًا لِتَرْكِ الْجِلْسَةِ الْمَسْنُونَةِ (بِغَيْرِ عُذْرٍ) وَلَا يُكْرَهُ خَارِجَهَا «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -
ــ
رد المحتار
النَّوَوِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ لَهُ إنَّهُ يُسْتَحَبُّ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ
(قَوْلُهُ وَافْتِرَاشُ الرَّجُلِ ذِرَاعَيْهِ إلَخْ) أَيْ بَسْطُهُمَا فِي حَالَةِ السُّجُودِ، وَقَيَّدَ بِالرَّجُلِ اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ الْمَارِّ آنِفًا وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَفْتَرِشُ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: قِيلَ وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا صِفَةُ الْكَسْلَانِ وَالتَّهَاوُنُ بِحَالِهِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالسِّبَاعِ وَالْكِلَابِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَحْرِيمِيَّةٌ لِلنَّهْيِ الْمَذْكُورِ مِنْ غَيْرِ صَارِفٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَصَلَاتُهُ إلَى وَجْهِ إنْسَانٍ) فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: وَكَرِهَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يُسْتَقْبَلَ الرَّجُلُ وَهُوَ يُصَلِّي، وَحَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضُ عَنْ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَتَمَامُهُ فِي الْحِلْيَةِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَهُوَ مَحْمَلُ مَا رَوَاهُ الْبَزَّارُ عَنْ عَلِيٍّ «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي إلَى رَجُلٍ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ» وَيَكُونُ الْأَمْرُ بِالْإِعَادَةِ لِإِزَالَةِ الْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ الْحُكْمُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَلَيْسَ لِلْفَسَادِ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ، لِمَا ذُكِرَ، وَلِمَا فِي الْحِلْيَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: إنْ كَانَ جَاهِلًا عَلَّمْته، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا أَدَّبْته اهـ وَلِأَنَّهُ يُشْبِهُ عِبَادَةَ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ كَكَرَاهَةِ اسْتِقْبَالِهِ) الضَّمِيرُ لِلْمُصَلِّي، وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ ط (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعِيدًا وَلَا حَائِلَ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا ثَالِثٌ ظَهْرُهُ إلَى وَجْهِ الْمُصَلِّي لَا يُكْرَهُ لِانْتِفَاءِ سَبَبِ الْكَرَاهَةِ وَهُوَ التَّشَبُّهُ بِعِبَادَةِ الصُّورَةِ اهـ. وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ وَلَوْ كَانَتْ تَقَعُ الْمُوَاجَهَةُ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ كَمَا فِي النَّهْرِ وَالْحِلْيَةِ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي الْحِلْيَةِ بِأَنَّ الْقَاعِدَ يَكُونُ سُتْرَةً لِلْمُصَلِّي بِحَيْثُ لَا يُكْرَهُ الْمُرُورُ وَرَاءَهُ فَكَذَا هُنَا يَكُونُ حَائِلًا.
قُلْت: لَكِنَّ فِي الذَّخِيرَةِ نُقِلَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ فِي الْأَصْلِ: وَإِنْ شَاءَ الْإِمَامُ اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِحِذَائِهِ رَجُلٌ يُصَلِّي، ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ يَفْصِلْ أَيْ مُحَمَّدٌ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْمُصَلِّي فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَوْ الْأَخِيرِ، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ وَجْهُهُ مُقَابِلٌ وَجْهَ الْإِمَامِ فِي حَالَةِ قِيَامِهِ يُكْرَهُ وَلَوْ بَيْنَهُمَا صُفُوفٌ اهـ ثُمَّ رَأَيْت الْخَيْرَ الرَّمْلِيَّ أَجَابَ بِمَا لَا يَدْفَعُ الْإِيرَادَ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي مُفْسِدَاتِ الصَّلَاةِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهِ تَنْزِيهِيَّةٌ
فَرْعٌ لَا بَأْسَ بِتَكْلِيمِ الْمُصَلِّي وَإِجَابَتِهِ بِرَأْسِهِ
(قَوْلُهُ وَإِجَابَتُهُ بِرَأْسِهِ) قَالَ فِي الْإِمْدَادِ: وَبِهِ وَرَدَ الْأَثَرُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، وَكَذَا فِي تَكْلِيمِ الرَّجُلِ الْمُصَلِّيَ، قَالَ تَعَالَى - {فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ} آل عمران: ٣٩- وَهَلْ يُجِيبُ السَّلَامَ بَعْدَ السَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ؟ ذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ» كَذَا فِي مَجْمَعِ الرِّوَايَاتِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ قِيلَ إلَخْ) هُوَ مَا وَعَدَ بِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَفَتْحِهِ عَلَى إمَامِهِ، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ ضَعْفَهُ عَنْ الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ ح (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا مَرَّ عَنْ الْبَحْرِ) أَيْ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ هُنَاكَ، فَرَاجِعْهُ
(قَوْلُهُ لِتَرْكِ الْجِلْسَةِ الْمَسْنُونَةِ) عِلَّةٌ لِكَوْنِهِ مَكْرُوهًا تَنْزِيهًا إذْ لَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ خَاصٌّ لِيَكُونَ تَحْرِيمًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ) أَمَّا بِهِ فَلَا، لِأَنَّ الْوَاجِبَ يُتْرَكُ مَعَ الْعُذْرِ فَالسُّنَّةُ أَوْلَى. وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ «مِنْ صَلَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مُتَرَبِّعًا» أَوْ تَعْلِيمًا لِلْجَوَازِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إلَخْ) نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ عَنْ ابْنِ الْهُمَامِ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ صَاحِبِ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ وَرَدَّ بِهِ عَلَى مَا قِيلَ فِي وَجْهِ الْكَرَاهَةِ أَنَّهُ فِعْلُ الْجَبَابِرَةِ، نَعَمْ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ أَنَّ الْجُلُوسَ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّوَاضُعِ تَأَمَّلْ