لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ (وَالْأَفْضَلُ فِيهِمَا الرُّبَاعُ بِتَسْلِيمَةٍ) وَقَالَا: فِي اللَّيْلِ الْمَثْنَى أَفْضَلُ، قِيلَ وَبِهِ يُفْتَى
(وَلَا يُصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى فِي الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ وَبَعْدَهَا) وَلَوْ صَلَّى نَاسِيًا فَعَلَيْهِ السَّهْوُ، وَقِيلَ لَا شُمُنِّيٌّ (وَلَا يَسْتَفْتِحُ إذَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ مِنْهَا) لِأَنَّهَا لِتَأَكُّدِهَا أَشْبَهَتْ الْفَرِيضَةَ (وَفِي الْبَوَاقِي مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَيَسْتَفْتِحُ) وَيَتَعَوَّذُ وَلَوْ نَذْرًا لِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ صَلَاةٌ (وَقِيلَ) لَا يَأْتِي
ــ
رد المحتار
وَتَسْقُطُ مَعَ التَّنْوِينِ عِنْدَ الرَّفْعِ أَوْ الْجَرِّ، وَتَثْبُتُ عِنْدَ النَّصْبِ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ) أَيْ لَمْ يَرِدْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ زَادَ عَلَى ذَلِكَ. وَالْأَصْلُ فِيهِ التَّوْقِيفُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: أَيْ فَمَا لَمْ يُوقَفْ عَلَى دَلِيلِ الْمَشْرُوعِيَّةِ لَا يَحِلُّ فِعْلُهُ بَلْ يُكْرَهُ أَيْ اتِّفَاقًا كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي أَيْ مِنْ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ، نَعَمْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْمَشَايِخِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّمَانِيَةِ لَيْلًا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُكْرَهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَصَحَّحَ فِي الْبَدَائِعِ الْكَرَاهَةَ. قَالَ: وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ، وَتَمَامُهُ فِي الْحِلْيَةِ وَالْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ فِيهِمَا) أَيْ فِي صَلَاتَيْ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ الرُّبَاعُ. وَعِبَارَةُ الْكَنْزِ: رُبَاعُ بِدُونِ أَلْ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لِلْوَصْفِيَّةِ وَالْعَدْلِ عَنْ أَرْبَعٍ أَرْبَعٍ أَيْ رَكَعَاتٌ رُبَاعُ: أَيْ كُلُّ أَرْبَعٍ بِتَسْلِيمَةٍ.
(قَوْلُهُ قِيلَ وَبِهِ يُفْتَى) عَزَاهُ فِي الْمِعْرَاجِ إلَى الْعُيُونِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَرَدَّهُ الشَّيْخُ قَاسِمٌ بِمَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْمَشَايِخُ لِلْإِمَامِ مِنْ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعًا لَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا» وَكَانَتْ التَّرَاوِيحُ ثِنْتَيْنِ تَخْفِيفًا، وَحَدِيثُ «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ شَفْعٌ لَا وِتْرٌ، وَتَرَجَّحَتْ الْأَرْبَعُ بِزِيَادَةٍ مُنْفَصِلَةٍ لِمَا أَنَّهَا أَكْثَرُ مَشَقَّةً عَلَى النَّفْسِ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا أَجْرُك عَلَى قَدْرِ نَصَبِك» اهـ بِزِيَادَةٍ، وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَغَيْرِهِ
(قَوْلُهُ وَلَا يُصَلِّي إلَخْ) أَقُولُ: قَالَ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ: إنَّ مَا ذَكَرَ مُسَلَّمٌ فِيمَا قَبْلَ الظُّهْرِ، لِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا تَبْطُلُ شُفْعَةُ الشَّفِيعِ بِالِانْتِقَالِ إلَى الشَّفْعِ الثَّانِي مِنْهَا، وَلَوْ أَفْسَدَهَا قَضَى أَرْبَعًا، وَالْأَرْبَعُ قَبْلَ الْجُمُعَةِ بِمَنْزِلَتِهَا. وَأَمَّا الْأَرْبَعُ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ فَإِنَّهَا كَغَيْرِهَا مِنْ السُّنَنِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يُثْبِتُوا لَهَا تِلْكَ الْأَحْكَامَ الْمَذْكُورَةَ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْحِلْيَةِ، وَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا بَحَثَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ مِنْ جَوَازِهَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ لِعُذْرٍ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ نَذْرًا) نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْقُنْيَةِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ نَفْلٌ عَرَضَ عَلَيْهِ الِافْتِرَاضُ أَوْ الْوُجُوبُ أَفَادَهُ ط.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ صَلَاةٌ) قَدَّمْنَا بَيَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ بَحْثِ الْوَاجِبَاتِ، وَالْمُرَادُ مِنْ بَعْضِ الْأَوْجُهِ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. زَادَ فِي الْمِنَحِ وَمِنْ ثَمَّ عَوَّلْنَا عَلَيْهِ وَحَكَيْنَا مَا فِي الْقُنْيَةِ بِقِيلَ.
مَطْلَبٌ قَوْلُهُمْ كُلُّ شَفْعٍ مِنْ النَّفْلِ صَلَاةٌ لَيْسَ مُفْرَدًا.
تَنْبِيهٌ بَقِيَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ جَزَمَ بِهِ فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ حَيْثُ قَالَ: أَمَّا إذَا كَانَتْ سُنَّةً أَوْ نَفْلًا فَيَبْتَدِئُ كَمَا ابْتَدَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، يَعْنِي يَأْتِي بِالثَّنَاءِ وَالتَّعَوُّذِ لِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ صَلَاةٌ عَلَى حِدَةٍ اهـ لَكِنْ قَالَ شَارِحُهَا: الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي وَلَا يَسْتَفْتِحُ فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ، وَكَوْنُ كُلِّ شَفْعٍ صَلَاةً عَلَى حِدَةٍ لَيْسَ مُطَّرِدًا فِي كُلِّ الْأَحْكَامِ، وَلِذَا لَوْ تَرَكَ الْقَعْدَةَ الْأُولَى لَا تَفْسُدُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ. وَلَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ عَلَى رَأْسِ شَفْعٍ لَا يُبْنَى عَلَيْهِ شَفْعًا آخَرَ لِئَلَّا يَبْطُلَ السُّجُودُ بِوُقُوعِهِ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ، فَقَدْ صَرَّحُوا بِصَيْرُورَةِ الْكُلِّ صَلَاةً وَاحِدَةً حَيْثُ حَكَمُوا بِوُقُوعِ السُّجُودِ وَسَطًا، فَيُقَالُ هُنَا أَيْضًا: لَا يُصَلِّي وَلَا يَسْتَفْتِحُ وَلَا يَتَعَوَّذُ لِوُقُوعِهِ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ كَوْنُ الْكُلِّ صَلَاةً وَاحِدَةً لِلِاتِّصَالِ وَاتِّحَادِ التَّحْرِيمَةِ، وَمَسْأَلَةُ الِاسْتِفْتَاحِ وَنَحْوِهِ لَيْسَتْ مَرْوِيَّةً عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَإِنَّمَا