(مُومِئًا) فَلَوْ سَجَدَ اُعْتُبِرَ إيمَاءً لِأَنَّهَا إنَّمَا شُرِعَتْ بِالْإِيمَاءِ (إلَى أَيِّ جِهَةٍ تَوَجَّهَتْ دَابَّتُهُ) وَلَوْ ابْتِدَاءً عِنْدَنَا أَوْ عَلَى سَرْجِهِ نَجَسٌ كَثِيرٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَلَوْ سَيَّرَهَا بِعَمَلٍ قَلِيلٍ لَا بَأْسَ بِهِ (وَلَوْ افْتَتَحَ) النَّفَلَ (رَاكِبًا ثُمَّ نَزَلَ بَنَى، وَفِي عَكْسِهِ لَا) لِأَنَّ الْأَوَّلَ أُدِّيَ أَكْمَلَ مِمَّا وَجَبَ وَالثَّانِي بِعَكْسِهِ (وَلَوْ افْتَتَحَهَا خَارِجَ الْمِصْرِ ثُمَّ دَخَلَ الْمِصْرَ أَتَمَّ عَلَى الدَّابَّةِ) بِإِيمَاءٍ (وَقِيلَ لَا) بَلْ يَنْزِلُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ قَالَهُ الْحَلَبِيُّ، وَقِيلَ يُتِمُّ رَاكِبًا مَا لَمْ يَبْلُغْ مَنْزِلَهُ قُهُسْتَانِيٌّ وَيَبْنِي قَائِمًا إلَى الْقِبْلَةِ أَوْ قَاعِدًا؛ وَلَوْ رَكِبَ تَفْسُدُ لِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ بِخِلَافِ النُّزُولِ
ــ
رد المحتار
فِيهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ بَحْرٌ. وَقِيلَ إذَا جَاوَزَ مِيلًا، وَقِيلَ فَرْسَخَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ مُومِئًا) بِالْهَمْزِ فِي آخِرِهِ أَكْثَرُ مِنْ الْيَاءِ. قَالَ فِي الْمُغْرِبِ تَقُولُ: أَوْمَأْت إلَيْهِ لَا أَوْمَيْت، وَقَدْ تَقُولُ الْعَرَبُ: أُومِي بِتَرْكِ الْهَمْزَةِ.
(قَوْلُهُ فَلَوْ سَجَدَ) أَيْ عَلَى شَيْءٍ وَضَعَهُ عِنْدَهُ أَوْ عَلَى السَّرْجِ اُعْتُبِرَ إيمَاءً بَعْدَ أَنْ يَكُونَ سُجُودُهُ أَخَفَضَ.
(قَوْلُهُ إلَى أَيِّ جِهَةٍ تَوَجَّهَتْ دَابَّتُهُ) فَلَوْ صَلَّى إلَى غَيْرِ مَا تَوَجَّهَتْ بِهِ دَابَّتُهُ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ بَحْرٌ عَنْ السِّرَاجِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ ابْتِدَاءً عِنْدَنَا) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ فِي الِابْتِدَاءِ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَتْ الصَّلَاةُ إلَى غَيْرِ جِهَةِ الْكَعْبَةِ جَازَ الِافْتِتَاحُ إلَى غَيْرِ جِهَتِهَا بَحْرٌ. وَاحْتَرَزَ عَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَإِنَّهُ يَقُولُ: يُشْتَرَطُ فِي الِابْتِدَاءِ أَنْ يُوَجِّهَهَا إلَى الْقِبْلَةِ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة ح.
قُلْت: وَذَكَرَ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ غَايَةِ السُّرُوجِيِّ أَنَّ هَذَا رِوَايَةَ ابْنِ الْمُبَارَكِ ذَكَرَهَا فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ سِيَاقِهِ الْأَحَادِيثَ أَنَّ الْأَشْبَهَ اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الْحَرَجِ عَمَلًا بِحَدِيثِ أَنَسٍ ثُمَّ قَالَ: عَلَى أَنَّ ابْنَ الْمُلَقِّنِ الشَّافِعِيَّ قَالَ: وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي ثَوْرٍ يَفْتَتِحُ أَوَّلًا إلَى الْقِبْلَةِ اسْتِحْبَابًا ثُمَّ يُصَلِّي كَيْفَ شَاءَ اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ عَلَى سَرْجِهِ إلَخْ) مِثْلُهُ الرِّكَابُ وَالدَّابَّةُ لِلضَّرُورَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فَإِنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى إبْقَائِهَا، فَسَقَطَ مَا فِي النَّهْرِ مِنْ أَنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْمَنْعِ بِمَا عَلَيْهِ اهـ ط. قُلْت: وَعَلَيْهِ فَيَخْلَعُ النَّعْلَ النَّجِسَ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ سَيَّرَهَا إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ بَحْثًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: إذَا حَرَّكَ رِجْلَهُ أَوْ ضَرَبَ دَابَّتَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا.
قُلْت: وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا مَا فِي الذَّخِيرَةِ: إنْ كَانَتْ تَنْسَاقُ بِنَفْسِهَا لَيْسَ لَهُ سَوْقُهَا وَإِلَّا فَلَوْ سَاقَهَا هَلْ تَفْسُدُ؟ قَالَ: إنْ كَانَ مَعَهُ سَوْطٌ فَهَيَّبَهَا بِهِ وَنَخَسَهَا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ نَزَلَ) أَيْ بِعَمَلٍ قَلِيلٍ، بِأَنْ ثَنَى رِجْلَهُ فَانْحَدَرَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ وَفِي عَكْسِهِ) بِأَنْ رُفِعَ فَوُضِعَ عَلَى الدَّابَّةِ فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ إحْرَامَ الرَّاكِبِ انْعَقَدَ مُجَوِّزًا لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى النُّزُولِ، فَإِذَا أَتَى بِهِمَا صَحَّ، وَإِحْرَامُ النَّازِلِ انْعَقَدَ مُوجِبًا لَهُمَا فَلَا يَقْدِرُ عَلَى تَرْكِ مَا لَزِمَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ أَتَمَّ عَلَى الدَّابَّةِ) لِأَنَّهُ صَحَّ شُرُوعُهُ فِيهَا رَاكِبًا فَصَارَ كَمَا إذَا افْتَتَحَهَا ثُمَّ تَغَيَّرَتْ الشَّمْسُ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا هَكَذَا تَجْنِيسٌ.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ) عَبَّرَ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ بِالْكَثِيرِ. وَذَكَرَ الرَّحْمَتِيُّ أَنَّ الْأَوَّلَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِمَا بِجَوَازِهَا فِي الْمِصْرِ. وَالثَّانِي عَلَى قَوْلِهِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فِي التَّجْنِيسِ فِي فَصْلِ الْقَهْقَهَةِ: وَلَوْ افْتَتَحَ صَلَاةَ التَّطَوُّعِ خَارِجَ الْمِصْرِ رَاكِبًا ثُمَّ دَخَلَ الْمِصْرَ ثُمَّ قَهْقَهَ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عَلَيْهِ اعْتِبَارًا لِلِابْتِدَاءِ بِالِانْتِهَاءِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَبْنِي قَائِمًا إلَخْ) أَيْ إذَا نَزَلَ فِي مَسْأَلَتَيْ الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ رَكِبَ إلَخْ) أَعَادَ مَسْأَلَةَ الْمَتْنِ السَّابِقَةَ لِيَذْكُرَ لَهَا تَعْلِيلًا آخَرَ، لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ رَدَّهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، بِأَنَّهُ لَوْ رُفِعَ الْمُصَلِّي وَوُضِعَ عَلَى السَّرْجِ لَا يَبْنِي أَنَّ الْعَمَلَ لَمْ يُوجَدْ فَضْلًا عَنْ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ. اهـ. وَحَمَلَ الْمُحَشِّي كَلَامَ الشَّارِحِ عَلَى صُورَةِ مَا إذَا افْتَتَحَ رَاكِبًا ثُمَّ نَزَلَ أَيْ فَإِنَّهُ إذَا رَكِبَ بَعْدَ ذَلِكَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِأَنَّ الرُّكُوبَ عَمَلٌ كَثِيرٌ. قَالَ: فَعَلَى هَذَا لَوْ حَمَلَهُ شَخْصٌ وَوَضَعَهُ عَلَى الدَّابَّةِ لَا تَفْسُدُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْعَمَلُ اهـ.