(أَتَمَّ) مُنْفَرِدًا (ثُمَّ اقْتَدَى) بِالْإِمَامِ (مُتَنَفِّلًا، وَيُدْرِكُ) بِذَلِكَ (فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ) حَاوِي (إلَّا فِي الْعَصْرِ) فَلَا يَقْتَدِي لِكَرَاهَةِ النَّفْلِ بَعْدَهُ (وَالشَّارِعُ فِي نَفْلٍ لَا يَقْطَعُ مُطْلَقًا) وَيُتِمُّهُ رَكْعَتَيْنِ (وَكَذَا سُنَّةُ الظُّهْرِ و) سُنَّةُ (الْجُمُعَةِ إذَا أُقِيمَتْ أَوْ خَطَبَ الْإِمَامُ) يُتِمُّهَا أَرْبَعًا (عَلَى) الْقَوْلِ (الرَّاجِحِ) لِأَنَّهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَيْسَ الْقَطْعُ لِلْإِكْمَالِ بَلْ لِلْإِبْطَالِ خِلَافًا لِمَا رَجَّحَهُ الْكَمَالُ
ــ
رد المحتار
إنْ شَاءَ عَادَ وَقَعَدَ وَسَلَّمَ، وَإِنْ شَاءَ كَبَّرَ قَائِمًا يَنْوِي الدُّخُولَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَفِي الْمُحِيطِ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقْطَعُ قَائِمًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ الْقُعُودَ مَشْرُوطٌ لِلتَّحَلُّلِ، وَهَذَا قَطْعٌ وَلَيْسَ بِتَحَلُّلٍ، فَإِنَّ التَّحَلُّلَ عَنْ الظُّهْرِ لَا يَكُونُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ، وَيَكْفِيهِ تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْقَطْعِ انْتَهَى: وَهَكَذَا صَحَّحَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا إلَى فَخْرِ الْإِسْلَامِ. اهـ.
(قَوْلُهُ أَتَمَّ) أَيْ وُجُوبًا؛ فَلَوْ قَطَعَ وَاقْتَدَى كَانَ آثِمًا رَمْلِيٌّ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَشْتَغِلُ بِحِيلَةٍ، مِثْلَ أَنْ لَا يَقْعُدَ عَلَى الرَّابِعَةِ وَيُصَيِّرَهَا سِتًّا كَمَا فِي الْمُحِيطِ. وَمِثْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّابِعَةَ قَاعِدًا لِتَنْقَلِبَ نَفْلًا لِأَنَّ الْإِتْمَامَ فَرْضٌ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ اقْتَدَى مُتَنَفِّلًا) أَيْ إنْ شَاءَ، وَهُوَ أَفْضَلُ إمْدَادٍ.
وَأُورِدَ أَنَّ التَّنَفُّلَ بِجَمَاعَةٍ مَكْرُوهٌ خَارِجَ رَمَضَانَ. وَأُجِيبَ بِنَعَمْ إذَا كَانَ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ مُتَطَوِّعِينَ، أَمَّا إذَا أَدَّى الْإِمَامُ الْفَرْضَ وَالْقَوْمُ النَّفَلَ فَلَا «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلرَّجُلَيْنِ إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا صَلَاةَ قَوْمٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ وَاجْعَلَا صَلَاتَكُمَا مَعَهُمْ سُبْحَةً» أَيْ نَافِلَةً، كَذَا فِي الْكَافِي بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ وَيُدْرِكُ بِذَلِكَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُحَصِّلُ بِذَلِكَ الِاقْتِدَاءِ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ الَّتِي هِيَ الْمُضَاعَفَةُ بِخَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً؛ كَمَا لَوْ كَانَ صَلَّى الْفَرِيضَةَ مُقْتَدِيًا لِأَنَّ هَذِهِ جَمَاعَةٌ مَشْرُوعَةٌ أَيْضًا إمَّا لِاسْتِدْرَاكِ مَا فَاتَ أَوْ لِئَلَّا يَصِيرَ مُخَالِفًا لِلْجَمَاعَةِ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ هَذِهِ الْمُضَاعَفَةَ مُضَاعَفَةُ ثَوَابِ النَّفْلِ لَا الْفَرْضِ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ حَاوِي) أَيْ حَاوِي الْقُدْسِيِّ كَمَا فِي الْبَحْرِ، لَا حَاوِي الْحَصِيرِيِّ وَلَا حَاوِي الزَّاهِدِيِّ.
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قَيَّدَ الْأُولَى بِسَجْدَةٍ أَوْ لَا (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا رَجَّحَهُ الْكَمَالُ) حَيْثُ قَالَ: وَقِيلَ يَقْطَعُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ قَضَائِهِ بَعْدَ الْفَرْضِ. وَلَا إبْطَالَ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ، فَلَا يَفُوتُ فَرْضُ الِاسْتِمَاعِ وَالْأَدَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ بِلَا سَبَبٍ. اهـ.
أَقُولُ: وَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ اخْتِيَارُهُ، وَعَلَيْهِ مَشَى فِي الْمُلْتَقَى وَنُورِ الْإِيضَاحِ وَالْمَوَاهِبِ وَجُمُعَةِ الدُّرَرِ وَالْفَيْضِ، وَعَزَاهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ إلَى الْبُرْهَانِ. وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ حُكِيَ عَنْ السَّعْدِيِّ أَنَّهُ رَجَعَ إلَيْهِ لَمَّا رَآهُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَنَّهُ مَالَ إلَيْهِ السَّرَخْسِيُّ وَالْبَقَّالِيُّ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ رَجَعَ إلَيْهِ الْقَاضِي النَّسَفِيُّ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَقْدِسِيَّ الْمَيْلُ إلَيْهِ. وَنَقَلَ فِي الْحِلْيَةِ كَلَامَ شَيْخِهِ الْكَمَالِ. ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ كَمَا قَالَ.
هَذَا، وَمَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ صَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ الْوَلْوَالِجِيُّ وَصَاحِبُ الْمُبْتَغَى وَالْمُحِيطِ ثُمَّ الشُّمُنِّيُّ. وَفِي جُمُعَةِ الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. قَالَ فِي الْبَحْرِ وَالظَّاهِرُ مَا صَحَّحَهُ الْمَشَايِخُ لِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ إبْطَالَ وَصْفِ السُّنِّيَّةِ لَا لِإِكْمَالِهَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَيَشْهَدُ لَهُمْ إثْبَاتُ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ لِلْأَرْبَعِ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِفْتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ اهـ وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ.
أَقُولُ: لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ النَّوَافِلِ أَنَّهُ يَقْضِي رَكْعَتَيْنِ لَوْ نَوَى أَرْبَعًا وَأَفْسَدَهُ، وَأَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ، وَأَنَّهُ صَحَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ رُجُوعَ أَبِي يُوسُفَ إلَيْهِ، وَصَرَّحَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ يَشْمَلُ السُّنَّةَ الْمُؤَكَّدَةَ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ، حَتَّى لَوْ قَطَعَهَا قَضَى رَكْعَتَيْنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَأَنَّ مِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ اخْتَارَ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ فِي السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْفَضْلِ وَصَحَّحَهُ فِي النِّصَابِ، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ أَنَّ ظَاهِرَ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا تَرْجِيحُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، فَحَيْثُ