(وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ) وَاعْتَمَدَهُ الْحَلْوَانِيُّ (عَلَى مُنْفَرِدٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيَجِبُ (وَمُقْتَدٍ بِسَهْوِ إمَامِهِ إنْ سَجَدَ إمَامُهُ) لِوُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ (لَا بِسَهْوِهِ) أَصْلًا
(وَالْمَسْبُوقُ يَسْجُدُ مَعَ إمَامِهِ مُطْلَقًا)
ــ
رد المحتار
أَنْ يَنْسَى أَنَّ عَلَيْهِ الْمُخَافَتَةَ فَيَجْهَرُ قَصْدًا، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ الْمُخَافَتَةَ فَيَجْهَرُ لِتَبْيِينِ الْكَلِمَةِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْعُدُولِ عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الَّذِي نَقَلَهُ الثِّقَاتُ مِنْ أَصْحَابِ الْفَتَاوَى. اهـ. زَادَ الْمُصَنِّفُ فِي مِنَحِهِ: وَإِنَّمَا عَوَّلْنَا عَلَى الْأَوَّلِ تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ، وَأَنَا أَعْجَبُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ كُمَّلِ الرِّجَالِ كَيْفَ يَعْدِلُ عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ نَصِّ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ إلَى مَا هُوَ كَالرِّوَايَةِ الشَّاذَّةِ. اهـ.
أَقُولُ: لَا عَجَبَ مِنْ كُمَّلِ الرِّجَالِ كَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَابْنِ الْهُمَامِ حَيْثُ عَدَلُوا عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ، وَصَحَّحُوا الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى لِلتَّسْهِيلِ عَلَى الْأُمَّةِ، وَكَمْ لَهُ مِنْ نَظِيرٍ وَلِذَا قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَيَجِبُ السَّهْوُ بِمُخَافَتَةِ كَلِمَةٍ لَكِنَّ فِيهِ شِدَّةً. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ التَّقْدِيرُ بِمَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِقَةٍ لِأَنَّ الْقَلِيلَ مِنْ الْجَهْرِ فِي مَوْضِعِ الْمُخَافَتَةِ عَفْوٌ أَيْضًا؛ فَفِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ فِي الْأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَتَيْنِ، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ بِأُمِّ الْكِتَابِ وَيُسْمِعُنَا الْآيَةَ أَحْيَانًا» . اهـ. فَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ مَا صَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَيْضًا، فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ فَلَا كَلَامَ، وَإِلَّا فَوَجْهُ تَصْحِيحِهِ مَا قُلْنَا وَتَأَيُّدُهُ بِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ عَنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْدِلَ عَنْ الدِّرَايَةِ أَيْ الدَّلِيلِ إذَا وَافَقَتْهَا رِوَايَةٌ.
تَتِمَّةٌ قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا جَهَرَ سَهْوًا بِشَيْءٍ مِنْ الْأَدْعِيَةِ وَالْأَثْنِيَةِ وَلَوْ تَشَهُّدًا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السُّجُودُ. قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَلَا يَعْرَى الْقَوْلُ بِذَلِكَ فِي التَّشَهُّدِ عَنْ تَأَمُّلٍ اهـ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ. هَذَا وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي فَصْلِ الْقِرَاءَةِ الْكَلَامَ عَلَى حَدِّ الْجَهْرِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِيَجِبُ) أَيْ الْمَذْكُورِ أَوَّلَ الْبَابِ (قَوْلُهُ إنْ سَجَدَ إمَامُهُ) أَمَّا لَوْ سَقَطَ عَنْ الْإِمَامِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ بِأَنْ تَكَلَّمَ أَوْ أَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ الْمُقْتَدِي بَحْرٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُقْتَدِيَ تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ كَالْإِمَامِ إنْ كَانَ السُّقُوطُ بِفِعْلِهِ الْعَمْدِ لِتَقَرُّرِ النُّقْصَانِ بِلَا جَابِرٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ لِوُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ) عِلَّةٌ لِوُجُوبِهِ عَلَى الْمُقْتَدِي بِسَهْوِ إمَامِهِ وَلِأَنَّ النُّقْصَانَ دَخَلَ فِي صَلَاتِهِ أَيْضًا لِارْتِبَاطِهَا بِصَلَاةِ الْإِمَامِ.
(قَوْلُهُ لَا بِسَهْوِهِ أَصْلًا) قِيلَ لَا فَائِدَةَ لِقَوْلِهِ أَصْلًا، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، بَلْ هُوَ تَأْكِيدٌ لِنَفْيِ الْوُجُوبِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا قَبْلَ السَّلَامِ لِلُزُومِ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ وَلَا بَعْدَهُ لِخُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ سَلَامُ عَمْدٍ مِمَّنْ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، لَكِنْ قَالَ فِي النَّهْرِ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهَا بِسَلَامِهِ، وَقَدْ سَبَقَ خِلَافٌ فِيمَنْ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ فَكَيْفَ بِمَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ؟ وَحِينَئِذٍ فَيُمْكِنُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذَا الْجَابِرِ. اهـ.
قُلْت: وَقَدَّمَ الشَّارِحُ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ أَنَّهُ لَوْ قَهْقَهَ بَعْدَ كَلَامِ الْإِمَامِ أَوْ سَلَامِهِ عَمْدًا فَسَدَتْ طَهَارَتُهُ فِي الْأَصَحِّ وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْفَتْحِ وَالْخَانِيَّةِ عَلَى خِلَافِ مَا صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ عَدَمِ الْفَسَادِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ فَسَادَ طَهَارَتِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ خُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ بِسَلَامِ إمَامِهِ أَوْ كَلَامِهِ فَمَا هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ بَعْدَ تَعْلِيلِهِ الْمَسْأَلَةَ بِأَنَّهُ يَخْرُجُ بِسَلَامِ الْإِمَامِ، كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ تَأَمُّلٌ، بَلْ الْأَوْلَى التَّمَسُّكُ بِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ عَلَى مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ سَهْوٌ» اهـ.
تَنْبِيهٌ قَالَ فِي النَّهْرِ: ثُمَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُعِيدُهَا لِثُبُوتِ الْكَرَاهَةِ مَعَ تَعَذُّرِ الْجَابِرِ
(قَوْلُهُ وَالْمَسْبُوقُ يَسْجُدُ مَعَ إمَامِهِ) قَيَّدَ بِالسُّجُودِ لِأَنَّهُ لَا يُتَابِعُهُ فِي السَّلَامِ، بَلْ يَسْجُدُ مَعَهُ وَيَتَشَهَّدُ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ إلَى الْقَضَاءِ، فَإِنْ سَلَّمَ فَإِنْ كَانَ عَامِدًا فَسَدَتْ وَإِلَّا لَا، وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ إنْ سَلَّمَ سَهْوًا قَبْلَ الْإِمَامِ أَوْ مَعَهُ؛ وَإِنْ سَلَّمَ بَعْدَهُ لَزِمَهُ لِكَوْنِهِ