وَهُوَ غَلَطٌ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ. وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ وُضُوءُهُ وَلَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ سَجَدَ أَوْ لَا لِسُقُوطِ السُّجُودِ بِالْقَهْقَهَةِ وَكَذَا بِالنِّيَّةِ، لِئَلَّا يَقَعَ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ
ــ
رد المحتار
أَرْبَعًا بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ. اهـ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ مُطْلَقًا، وَيَبْطُلُ الْوُضُوءُ وَيَصِيرُ الْفَرْضُ أَرْبَعًا، فَالْخِلَافُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ، لَكِنَّ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى عِنْدَهُمَا عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ دُونَ الْأَخِيرَتَيْنِ، فَإِجْرَاءُ التَّفْصِيلِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ غَلَطٌ مُخَالِفٌ لِعَامَّةِ الْكُتُبِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ غَلَطٌ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ إلَخْ) أَيْ ذِكْرُ الشَّرْطِيَّتَيْنِ، وَهُمَا قَوْلُهُ إنْ سَجَدَ وَإِلَّا لَا غَلَطٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ لِأَنَّهُ عِنْدَهُمَا لَا تَفْصِيلَ فِيهِمَا، وَإِنَّمَا التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِي الْأُولَى فَقَطْ كَمَا ذَكَرْنَا. أَمَّا فِي الْقَهْقَهَةِ فَلِأَنَّهَا أَوْجَبَتْ سُقُوطَ السُّجُودِ عِنْدَ الْكُلِّ لِفَوَاتِ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا كَلَامٌ، فَالْحُكْمُ النَّقْضُ عِنْدَهُ وَعَدَمُهُ عِنْدَهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ بَحْرٌ أَيْ لِأَنَّهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَمْ يَخْرُجْ بِالسَّلَامِ عَنْ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ فَانْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُ. وَعِنْدَهُمَا خَرَجَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَعُودَ إلَى الصَّلَاةِ بِالسُّجُودِ لِوُجُودِ الْمُنَافِي وَهُوَ الْقَهْقَهَةُ لِأَنَّهَا كَلَامٌ كَمَا لَوْ سَلَّمَ وَأَحْدَثَ عَمْدًا بَعْدَهُ فَإِنَّ سَلَامَهُ لَمْ يَبْقَ مَوْقُوفًا بَعْدَ الْحَدَثِ. وَأَمَّا فِي نِيَّةِ الْإِقَامَةِ، فَقَالَ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ: إنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ. وَفِي الْمِعْرَاجِ سَوَاءٌ سَجَدَ أَوْ لَا لِأَنَّهُ لَوْ تَغَيَّرَ بِهِ لَصَحَّتْ نِيَّتُهُ قَبْلَهُ؛ وَلَوْ صَحَّتْ لَوَقَعَتْ السَّجْدَةُ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ وَلَا يُعْتَدُّ بِهَا فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ أَصْلًا، فَلَوْ صَحَّتْ لَصَحَّتْ بِلَا سُجُودٍ بَحْرٌ وَنَهْرٌ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ صَحَّ سُجُودُهُ لَبَطَلَ، وَمَا يُؤَدِّي تَصْحِيحُهُ إلَى إبْطَالِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ. وَفِيهِ دَوْرٌ أَيْضًا، يُوَضِّحُهُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ عِنْدَهُمَا خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَا يَعُودُ إلَّا بِعَوْدِهِ إلَى سُجُودِ السَّهْوِ، وَلَا يُمْكِنُهُ الْعَوْدُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الصَّلَاةِ وَلَا يُمْكِنُهُ إتْمَامُ الصَّلَاةِ إلَّا بَعْدَ الْعَوْدِ إلَى السُّجُودِ فَجَاءَ الدَّوْرُ. قَالَ: وَبَيَانُهُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْعَوْدُ إلَى سُجُودِهِ لِأَنَّ سُجُودَهُ مَا يَكُونُ جَابِرًا، وَالْجَابِرُ بِالنَّصِّ هُوَ الْوَاقِعُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَلَا آخِرَ لَهَا قَبْلَ التَّمَامِ، فَقُلْنَا بِأَنَّهُ تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَخَرَجَ مِنْهَا قَطْعًا لِلدَّوْرِ. اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْهُ الْعَوْدُ إلَى السُّجُودِ لِمَا عَلِمْته لَمْ يُمْكِنْ عَوْدُهُ إلَى الصَّلَاةِ فَبَقِيَ خَارِجًا مِنْهَا بِالسَّلَامِ خُرُوجًا بَاتًّا. حَتَّى لَوْ سَجَدَ وَقَعَ لَغْوًا كَمَا لَوْ سَجَدَ بَعْدَ الْقَهْقَهَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَ الْحَدَثِ الْعَمْدِ، وَلِذَا صَرَّحَ الْكَمَالُ وَغَيْرُهُ مِنْ الشُّرَّاحِ كَصَاحِبِ النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَقَاضِي خَانْ بِأَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَمْ تَحْصُلْ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ، فَقَدْ ظَهَرَ لَك بِهَذَا التَّقْرِيرِ سُقُوطُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْإِمْدَادِ مُنْتَصِرًا لِمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ إنَّمَا هُوَ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ السُّجُودِ وَهُوَ قَدْ سَجَدَ، فَتَصِحُّ نِيَّتُهُ لِمَا فِي الدِّرَايَةِ إذَا سَجَدَ فَنَوَى الْإِقَامَةَ صَحَّتْ اهـ فَكَذَلِكَ هُنَا، وَإِلَّا لَزِمَ التَّنَاقُضُ. وَقَوْلُ الْكَمَالِ: إنَّ النِّيَّةَ لَمْ تَحْصُلْ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ لِتَصْرِيحِهِ بِأَنَّ سَلَامَ مَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْهَا، وَيَلْزَمُ صَاحِبَ الْبَحْرِ فِي قَوْلِهِ لِئَلَّا يَقَعَ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ أَنَّ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ بَعْدَ سُجُودِهِ لَا تَصِحُّ لِوُقُوعِ السُّجُودِ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى صِحَّتِهَا.
أَقُولُ: وَالْجَوَابُ مَا تَحَقَّقْته مِنْ أَنَّهُ إذَا سَجَدَ وَقَعَ لَغْوًا، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ، فَلَمْ يَعُدْ إلَى حُرْمَةِ الصَّلَاةِ، فَلَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ، بِخِلَافِ مَا فِي الدِّرَايَةِ، فَإِنَّهُ إذَا سَجَدَ أَوَّلًا عَادَ إلَيْهَا فَصَحَّتْ نِيَّتُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى أَوَّلًا ثُمَّ سَجَدَ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ إلَيْهَا لِمَا عَلِمْته مِنْ الدَّوْرِ وَاسْتِلْزَامِ صِحَّةِ السُّجُودِ بُطْلَانُهُ، فَلَا تَنَاقُضَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْكَمَالُ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ كَمَا عَلِمْت، وَتَصْرِيحُهُ بِأَنَّ سَلَامَ مَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْهَا: أَيْ خُرُوجًا بَاتًّا، بَلْ يُخْرِجُهُ عَلَى احْتِمَالِ الْعَوْدِ إنْ أَمْكَنَ، وَهُنَا لَمْ يُمْكِنْ لِلْمَحْذُورِ الْمَذْكُورِ، وَقَوْلُهُمْ تَصِحُّ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ بَعْدَ السُّجُودِ وَيَلْغُو السُّجُودُ لِوُقُوعِهِ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ صَحِيحٌ لِأَنَّ إلْغَاءَ السُّجُودِ فِيهِ لَمْ يَكُنْ بِسَبَبِ إيجَابِهِ الْمُقْتَضِي لِلدَّوْرِ كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا، بَلْ بِسَبَبِ تَصْحِيحِ النِّيَّةِ