(بِسَيْفٍ فِي بَلْدَةٍ فُتِحَتْ بِهِ)
كَمَكَّةَ (وَإِلَّا لَا) كَالْمَدِينَةِ. وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ: إذَا فَرَغَ الْمُؤَذِّنُونَ قَامَ الْإِمَامُ، وَالسَّيْفُ فِي يَسَارِهِ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَيْهِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَّكِئَ عَلَى قَوْسٍ أَوْ عَصًا.
فُرُوعٌ سَمِعَ النِّدَاءَ وَهُوَ يَأْكُلُ تَرَكَهُ إنْ خَافَ فَوْتَ جُمُعَةٍ أَوْ مَكْتُوبَةٍ لَا جَمَاعَةٍ رُسْتَاقِيٌّ. سَعَى يُرِيدُ الْجُمُعَةَ وَحَوَائِجُهُ أَنَّ مُعْظَمَ مَقْصُودِهِ الْجُمُعَةُ نَالَ ثَوَابَ السَّعْيِ إلَيْهَا، وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَنْ شَرَّكَ فِي عِبَادَتِهِ فَالْعِبْرَةُ لِلْأَغْلَبِ. الْأَفْضَلُ حَلْقُ الشَّعْرِ وَقَلْمُ الظُّفُرِ بَعْدَهَا
لَا بَأْسَ بِالتَّخَطِّي مَا لَمْ يَأْخُذْ الْإِمَامُ فِي الْخُطْبَةِ وَلَمْ يُؤْذِ أَحَدًا إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ إلَّا فُرْجَةً أَمَامَهُ فَيَتَخَطَّى إلَيْهَا لِلضَّرُورَةِ
ــ
رد المحتار
وَنَصُّهُ: وَإِنْ دَخَلَ الْقَرَوِيُّ الْمِصْرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَإِنْ نَوَى الْمُكْثَ إلَى وَقْتِهَا لَزِمَتْهُ، وَإِنْ نَوَى الْخُرُوجَ قَبْلَ دُخُولِهِ لَا تَلْزَمُهُ، وَإِنْ نَوَاهُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا تَلْزَمُهُ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: لَا تَلْزَمُهُ، وَهُوَ مُخْتَارُ قَاضِي خَانْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِسَيْفٍ) أَيْ مُتَقَلِّدًا بِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ وَيُخَالِفُهُ ظَاهِرُ مَا يَأْتِي عَنْ الْحَاوِي لَكِنْ وَفَّقَ فِي النَّهْرِ بِإِمْكَانِ إمْسَاكِهِ مَعَ التَّقَلُّدِ (قَوْلُهُ فِي بَلْدَةٍ فُتِحَتْ بِهِ) أَيْ بِالسَّيْفِ لِيُرِيَهُمْ أَنَّهَا فُتِحَتْ بِالسَّيْفِ فَإِذَا رَجَعْتُمْ عَنْ الْإِسْلَامِ فَذَلِكَ بَاقٍ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى تَرْجِعُوا إلَى الْإِسْلَامِ دُرَرٌ (قَوْلُهُ كَمَكَّةَ) أَيْ فَإِنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً كَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَطَائِفَةٌ: فُتِحَتْ صُلْحًا إسْمَاعِيلُ عَنْ تَارِيخِ مَكَّةَ لِلْقُطْبِيِّ (قَوْلُهُ كَالْمَدِينَةِ) فَإِنَّهَا فُتِحَتْ بِالْقُرْآنِ إمْدَادٌ (قَوْلُهُ وَفِي الْخُلَاصَةِ إلَخْ) اسْتَشْكَلَهُ فِي الْحِلْيَةِ بِأَنَّهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ: أَيْ فِي الْخُطْبَةِ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصًا أَوْ قَوْسٍ» . اهـ. وَنَقَلَ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّ أَخْذَ الْعَصَا سُنَّةٌ كَالْقِيَامِ
(قَوْلُهُ إنْ خَافَ فَوْت جُمُعَةٍ أَوْ مَكْتُوبَةٍ) عَزَاهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة إلَى فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ. ثُمَّ إنَّ فَوْتَ الْجُمُعَةِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ وَالْمَكْتُوبَةِ بِخُرُوجِ وَقْتِهَا لَا بِفَوْتِ جَمَاعَتِهَا لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ صَلَاتُهَا وَحْدَهُ وَالْأَكْلُ أَيْ الَّذِي تَمِيلُ إلَيْهِ نَفْسُهُ وَيَخَافُ ذَهَابَ لَذَّتِهِ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا لَكِنْ يُشْكِلُ مَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ السَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ بِالْأَذَانِ الْأَوَّلِ وَتَرْكِ الْبَيْعِ وَلَوْ مَاشِيًا وَالْمُرَادُ بِهِ كُلُّ عَمَلٍ يُنَافِي السَّعْيَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ رُسْتَاقِيُّ) نِسْبَةً إلَى الرُّسْتَاقِ وَهُوَ السَّوَادُ وَالْقُرَى قَامُوسٌ (قَوْلُهُ نَالَ ثَوَابَ السَّعْيِ) أَمَّا الصَّلَاةُ فَيَنَالُ ثَوَابَهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ ط. مَطْلَبٌ إذَا شَرَّكَ فِي عِبَادَتِهِ فَالْعِبْرَةُ لِلْأَغْلَبِ
(قَوْلُهُ مَنْ شَرَّكَ فِي عِبَادَتِهِ) كَالسَّفَرِ لِلتِّجَارَةِ وَالْحَجِّ وَالصَّلَاةِ لِإِسْقَاطِ الْفَرْضِ وَلِدَفْعِ مَذَمَّةِ النَّاسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَكُنْ مُتَمَحِّضًا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ فَالْعِبْرَةُ لِلْأَغْلَبِ) الظَّاهِرُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْأَغْلَبُ الَّذِي هُوَ قَصْدُ الْعِبَادَةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنَّ مُعْظَمَ مَقْصُودِهِ الْجُمُعَةُ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُعْظَمُ مَقْصُودِهِ الْحَوَائِجَ أَوْ تَسَاوَى الْقَصْدَانِ لَا ثَوَابَ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ مُخْتَارُ الْإِمَامِ الْغَزَالِيِّ أَيْضًا وَغَيْرِهِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَاخْتَارَ مِنْهُمْ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَدَمَ الثَّوَابِ مُطْلَقًا وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ الْأَفْضَلُ إلَخْ) فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَيُكْرَهُ تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْحَجِّ وَذَلِكَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْحَجِّ غَيْرُ مَشْرُوعٍ اهـ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ، وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ التَّقْلِيمِ وَمَا قِيلَ فِيهِ نَظْمًا وَنَثْرًا فِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
(قَوْلُهُ وَلَمْ يُؤْذِ أَحَدًا) بِأَنْ لَا يَطَأَ ثَوْبًا وَلَا جَسَدًا وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّخَطِّيَ حَالَ الْخُطْبَةِ عَمَلٌ، وَهُوَ حَرَامٌ وَكَذَا الْإِيذَاءُ وَالدُّنُوُّ مُسْتَحَبٌّ وَتَرْكُ الْحَرَامِ مُقَدَّمٌ عَلَى فِعْلِ الْمُسْتَحَبِّ وَلِذَا «قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلَّذِي رَآهُ يَتَخَطَّى النَّاسَ وَيَقُولُ افْسَحُوا اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْت» وَهُوَ مَحْمَلُ مَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ تَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ اتَّخَذَ جِسْرًا إلَى جَهَنَّمَ» شَرْحُ الْمُنْيَةِ.