(صَلَّوْا رُكْبَانًا فُرَادَى) إلَّا إذَا كَانَ رَدِيفًا لِلْإِمَامِ، فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ (بِالْإِيمَاءِ إلَى جِهَةِ قُدْرَتِهِمْ) لِلضَّرُورَةِ
(وَفَسَدَتْ بِمَشْيٍ) لِغَيْرِ اصْطِفَافٍ وَسَبْقِ حَدَثٍ (وَرُكُوبٍ) مُطْلَقًا (وَقِتَالٍ كَثِيرٍ) لَا بِقَلِيلِ كَرَمْيَةِ سَهْمٍ. (وَالسَّابِحُ فِي الْبَحْرِ إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُرْسِلَ أَعْضَاءَهُ سَاعَةً صَلَّى بِالْإِيمَاءِ وَإِلَّا لَا) تَصِحُّ كَصَلَاةِ الْمَاشِي وَالسَّائِفِ وَهُوَ يَضْرِبُ بِالسَّيْفِ.
فُرُوعٌ الرَّاكِبُ إنْ كَانَ مَطْلُوبًا تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ طَالِبًا لَا، لِعَدَمِ خَوْفِهِ. شَرَعُوا ثُمَّ ذَهَبَ الْعَدُوُّ لَمْ يَجُزْ انْحِرَافُهُمْ وَبِعَكْسِهِ جَازَ.
لَا تُشْرَعُ صَلَاةُ الْخَوْفِ لِلْعَاصِي فِي سَفَرِهِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَعَلَيْهِ فَلَا تَصِحُّ مِنْ الْبُغَاةِ صَحَّ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّاهَا فِي أَرْبَعٍ ذَاتِ الرِّقَاعِ
ــ
رد المحتار
اشْتِدَادِ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ صَلَّوْا رُكْبَانًا) أَيْ وَلَوْ مَعَ السَّيْرِ مَطْلُوبِينَ فَالرَّاكِبُ لَوْ طَالِبًا لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ لِعَدَمِ ضَرُورَةِ الْخَوْفِ فِي حَقِّهِ وَتَمَامُهُ فِي الْإِمْدَادِ (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ) لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْمَكَانِ (قَوْلُهُ بِالْإِيمَاءِ) أَيْ الْإِيمَاءِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ
(قَوْلُهُ وَفَسَدَتْ بِمَشْيٍ إلَخْ) لِأَنَّ الْمَشْيَ فِعْلُهُ حَقِيقَةً وَهُوَ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ رَاكِبًا مَطْلُوبًا لِأَنَّهُ فِعْلُ الدَّابَّةِ حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا أُضِيفَ إلَيْهِ مَعْنَى التَّسْيِيرِ، وَإِذَا جَاءَ الْعُذْرُ انْقَطَعَتْ الْإِضَافَةُ إلَيْهِ اهـ مِنْ الْإِمْدَادِ عَنْ مَجْمَعِ الرِّوَايَاتِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَدَائِعِ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ تَفْسُدُ بِالْمَشْيِ طَالِبًا أَوْ مَطْلُوبًا وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ ح عَنْ مَجْمَعِ الْأَنْهُرِ بِقَوْلِهِ بِمَشْيٍ أَيْ هُرُوبٍ مِنْ الْعَدُوِّ لَا الْمَشْيِ نَحْوَهُ وَالرُّجُوعِ اهـ لَا يُنَافِي ذَلِكَ لِأَنَّهَا إذَا فَسَدَتْ بِالْهُرُوبِ تَفْسُدُ بِالطَّلَبِ بِالْأَوْلَى لِعَدَمِ ضَرُورَةِ الْخَوْفِ كَمَا مَرَّ فِي الرَّاكِبِ، وَقَوْلُهُ: لَا الْمَشْيِ نَحْوَهُ وَالرُّجُوعِ هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ لِغَيْرِ اصْطِفَافٍ أَيْ لَوْ مَشَوْا لِيَصْطَفُّوا نَحْوَ الْعَدُوِّ أَوْ رَجَعُوا لِيَصْطَفُّوا خَلْفَ الْإِمَامِ نَعَمْ فِي الْعِبَارَةِ إيهَامٌ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَرُكُوبٍ) أَيْ ابْتِدَاءً عَلَى الْأَرْضِ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ لِاصْطِفَافٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ الرُّكُوبَ عَمَلٌ كَثِيرٌ، وَهُوَ مِمَّا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَشْيِ فَإِنَّهُ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ حَتَّى يَصْطَفُّوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ ابْنُ كَمَالٍ عَنْ الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ كَرَمْيَةِ سَهْمٍ) ذَكَرَهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْبَحْرِ فَإِنَّهُ عَمَلٌ قَلِيلٌ وَهُوَ غَيْرُ مُفْسِدٍ، وَفِي كَوْنِهِ مِنْ الْعَمَلِ الْقَلِيلِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مَنْ رَآهُ يَرْمِي بِالْقَوْسِ يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ خَارِجُ الصَّلَاةِ ط (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَا تَصِحُّ) وَسَقَطَ الطَّلَبُ لِتَحَقُّقِ الْعُذْرِ ط (قَوْلُهُ: وَالسَّائِفِ) بِالْفَاءِ؛ وَلِذَا أَرْدَفَهُ بِمَا يُفَسِّرُهُ. قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ وَفِي الْمُخْتَلِفَاتِ: لَوْ كَانُوا فِي الْمُسَايَفَةِ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَكَادَ الْوَقْتُ يَخْرُجُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ إلَى أَنْ يَفْرُغُوا مِنْ الْقِتَالِ
فُرُوعٌ فِي صَلَاة الْخَوْف
(قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ انْحِرَافُهُمْ) أَيْ بَعْدَ ذَهَابِهِ لِزَوَالِ سَبَبِ الرُّخْصَةِ ط عَنْ أَبِي السُّعُودِ أَيْ فَتُصَلِّي كُلُّ طَائِفَةٍ فِي مَكَانِهَا تَأَمَّلْ فَلَوْ كَانُوا انْحَرَفُوا قَبْلَهُ بَنَوْا كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ لَهُمْ الِانْحِرَافُ فِي أَوَانِهِ لِوُجُوبِ الضَّرُورَةِ ط عَنْ أَبِي السُّعُودِ (قَوْلُهُ لَا تُشْرَعُ صَلَاةُ الْخَوْفِ لِلْعَاصِي) لِأَنَّهَا إنَّمَا شُرِعَتْ لِمَنْ يُقَاتِلُ أَعْدَاءَ اللَّهِ تَعَالَى وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ لَا لِمَنْ يُعَادِيهِ أَفَادَهُ أَبُو السُّعُودِ عَنْ شَيْخِنَا.
قُلْت: وَهَذَا بِخِلَافِ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ فَإِنَّ سَبَبَهُ مَشَقَّةُ السَّفَرِ وَهُوَ مُطْلَقٌ فِي النَّصِّ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَا يُمْكِنُ قِيَاسُهُ عَلَى صَلَاةِ الْخَوْفِ لِأَنَّهَا جَاءَتْ عَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فِي سَفَرِهِ) لَعَلَّهُ بِسَفَرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ إسْمَاعِيلُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ فَتُفِيدُ أَنَّ نَفْسَ سَفَرِهِ مَعْصِيَةٌ كَمَنْ سَافَرَ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ مَثَلًا بِخِلَافِ " فِي " الظَّرْفِيَّةِ فَإِنَّهَا تُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ سَافَرَ لِلْحَجِّ مَثَلًا وَعَصَى فِي أَثْنَائِهِ لَا يُصَلِّي بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَاصِي مَنْ كَانَ قِتَالُهُ مَعْصِيَةً سَوَاءٌ كَانَ سَفَرُهُ لَهُ أَوْ لِطَاعَةٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّعْبِيرِ بِالْبَاءِ أَوْ فِي فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فِي أَرْبَعٍ) أَيْ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ فَلَا يُنَافِي مَا فِي الْإِمْدَادِ عَنْ شَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً» (قَوْلُهُ ذَاتِ الرِّقَاعِ) أَيْ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ. وَأَصَحُّ الْأَقْوَالِ فِي وَجْهِ تَسْمِيَتِهَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ «أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -