(وَاخْتُلِفَ فِي الزَّوْجِ وَالْفَتْوَى عَلَى وُجُوبِ كَفَنِهَا عَلَيْهِ) عِنْدَ الثَّانِي (وَإِنْ تَرَكَتْ مَالًا) خَانِيَّةٌ وَرَجَّحَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ الظَّاهِرُ لِأَنَّهُ كَكِسْوَتِهَا (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) بَيْتُ الْمَالِ مَعْمُورًا أَوْ مُنْتَظِمًا (فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ تَكْفِينُهُ) فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا سَأَلُوا النَّاسَ لَهُ ثَوْبًا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ رُدَّ لِلْمُصَّدِّقِ إنْ عُلِمَ وَإِلَّا كُفِّنَ بِهِ مِثْلُهُ، وَإِلَّا تُصُدِّقَ بِهِ مُجْتَبَى وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ إلَّا سُؤَالُ كَفَنِ الضَّرُورَةِ لَا الْكِفَايَةُ وَلَوْ كَانَ فِي مَكَان لَيْسَ فِيهِ إلَّا وَاحِدٌ، وَذَلِكَ الْوَاحِدُ لَيْسَ لَهُ إلَّا ثَوْبٌ لَا يَلْزَمُهُ تَكْفِينُهُ بِهِ
ــ
رد المحتار
مَطْلَبٌ فِي كَفَنِ الزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ
(قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي الزَّوْجِ) أَيْ فِي وُجُوبِ كَفَنِ زَوْجَتِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ عِنْدَ الثَّانِي) أَيْ أَبِي يُوسُفَ وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَلَا يَلْزَمُهُ لِانْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ بِالْمَوْتِ، وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى أَنَّهُ لَا رِوَايَةَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَكِنْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ عَنْ شَرْحِ السِّرَاجِيَّةِ لِمُصَنِّفِهَا أَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ كَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَكَتْ مَالًا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ اخْتَلَفَتْ الْعِبَارَاتُ فِي تَحْرِيرِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَفِي الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ كَفَنُهَا، وَإِنْ تَرَكَتْ مَالًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِي الْمُحِيطِ وَالتَّجْنِيسِ وَالْوَاقِعَاتِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ لِمُصَنِّفِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ فَكَفَنُهَا عَلَى الزَّوْجِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِمُصَنِّفِهِ إذَا مَاتَتْ وَلَا مَالَ لَهَا فَعَلَى الزَّوْجِ الْمُوسِرِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْأَحْكَامِ عَنْ الْمُبْتَغَى بِزِيَادَةٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ مُعْسِرًا لَا يَلْزَمُهُ اتِّفَاقًا وَفِي الْأَحْكَامِ أَيْضًا عَنْ الْعُيُونِ كَفَنُهَا فِي مَالِهَا إنْ كَانَ وَإِلَّا فَعَلَى الزَّوْجِ وَلَوْ مُعْسِرًا فَفِي بَيْتِ الْمَالِ. اهـ. وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ فِي الْبَحْرِ لُزُومُهُ عَلَيْهِ مُوسِرًا أَوْ لَا لَهَا مَالٌ أَوْ لَا لِأَنَّهُ كَكِسْوَتِهَا وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ مُطْلَقًا قَالَ: وَصَحَّحَهُ فِي نَفَقَاتِ الْوَلْوَالِجيَّةِ. اهـ.
قُلْت: وَعِبَارَتُهَا إذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ، وَلَا مَالَ لَهَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى كَفَنِهَا، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ مَنْ يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَتِهِ فِي حَيَاتِهِ يُجْبَرُ عَلَيْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يُجْبَرُ الزَّوْجُ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ. تَنْبِيهٌ
قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقُمْ بِهَا مَانِعُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ حَالَةَ الْمَوْتِ مِنْ نُشُوزِهَا أَوْ صِغَرِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ اهـ وَهُوَ وَجِيهٌ لِأَنَّهُ إذَا اُعْتُبِرَ لُزُومُ الْكَفَنِ بِلُزُومِ النَّفَقَةِ سَقَطَ بِمَا يُسْقِطُهَا.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ تَكْفِينُهَا وَتَجْهِيزُهَا الشَّرْعِيَّانِ مِنْ كَفَنِ السُّنَّةِ أَوْ الْكِفَايَةِ وَحَنُوطٍ وَأُجْرَةِ غُسْلٍ وَحَمْلٍ وَدَفْنٍ دُونَ مَا اُبْتُدِعَ فِي زَمَانِنَا مِنْ مُهَلِّلِينَ وَقُرَّاءٍ وَمُغَنِّينَ وَطَعَامٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِدُونِ رِضَا بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ الْبَالِغِينَ يَضْمَنُهُ فِي مَالِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ الْمَالِ مَعْمُورًا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ أَوْ مُنْتَظِمًا أَيْ مُسْتَقِيمًا بِأَنْ كَانَ عَامِرًا وَلَا يَصْرِفُ مَصَارِفَهُ ط (قَوْلُهُ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ) أَيْ الْعَالِمِينَ بِهِ وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ جَمِيعُ مَنْ عَلِمَ بِهِ ط (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا) أَيْ مَنْ عَلِمَ مِنْهُمْ بِأَنْ كَانُوا فُقَرَاءَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا كُفِّنَ بِهِ مِثْلُهُ) هَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُجْتَبَى بَلْ زَادَهُ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ عَنْ التَّجْنِيسِ وَالْوَاقِعَاتِ.
قُلْت: وَفِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ: فَقِيرٌ مَاتَ فَجُمِعَ مِنْ النَّاسِ الدَّرَاهِمُ وَكَفَّنُوهُ وَفَضَلَ شَيْءٌ إنْ عُرِفَ صَاحِبُهُ يُرَدُّ عَلَيْهِ وَإِلَّا يُصْرَفُ إلَى كَفَنِ فَقِيرٍ آخَرَ أَوْ يُتَصَدَّقُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ إلَخْ) أَيْ ظَاهِرُ قَوْلِهِ ثَوْبًا، وَهَذَا بَحْثٌ لِصَاحِبِ النَّهْرِ لَكِنْ قَالَ فِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ بَعْدَ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْهُ. وَلَا يُجْمَعُ مِنْ النَّاسِ إلَّا قَدْرُ كِفَايَتِهِ اهـ فَتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْأَحْكَامِ عَنْ عُمْدَةِ الْمُفْتِي وَلَا يَجْمَعُونَ مِنْ النَّاسِ إلَّا قَدْرَ ثَوْبٍ وَاحِدٍ اهـ (قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُهُ تَكْفِينُهُ بِهِ) لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ لِلْمَيِّتِ وَالْحَيُّ وَارِثُهُ يُكَفَّنُ بِهِ الْمَيِّتُ لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ بَحْرٌ إلَّا إذَا كَانَ الْحَيُّ