(أَوْ بِهِ فَأَسْلَمَ هُوَ أَوْ) أَسْلَمَ (الصَّبِيُّ وَهُوَ عَاقِلٌ) أَيْ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ (صُلِّيَ عَلَيْهِ) لِصَيْرُورَتِهِ مُسْلِمًا. قَالُوا: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَ الْعَامِّيَّ عَنْ الْإِسْلَامِ بَلْ يَذْكُرُ عِنْدَهُ حَقِيقَتَهُ، وَمَا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: هَلْ أَنْتَ مُصَدِّقٌ بِهَذَا؟ فَإِذَا قَالَ نَعَمْ اُكْتُفِيَ بِهِ. وَلَا يَضُرُّ تَوَقُّفُهُ فِي جَوَابِ مَا الْإِيمَانُ مَا الْإِسْلَامُ فَتْحٌ.
(وَيُغَسِّلُ الْمُسْلِمُ وَيُكَفِّنُ وَيَدْفِنُ قَرِيبَهُ) كَخَالِهِ (الْكَافِرَ الْأَصْلِيَّ) أَمَّا الْمُرْتَدُّ فَيُلْقَى فِي حُفْرَةٍ كَالْكَلْبِ (عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ) فَلَوْ لَهُ قَرِيبٌ فَالْأَوْلَى تَرْكُهُ لَهُمْ (مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ السُّنَّةِ) فَيُغَسِّلُهُ غَسْلَ الثَّوْبِ النَّجَسِ وَيَلُفُّهُ فِي خِرْقَةٍ
ــ
رد المحتار
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِالْإِخْرَاجِ إلَى دَارِ السَّلَامِ تَبَعًا لِلدَّارِ أَوْ بِالْمِلْكِ بِقِسْمَةٍ أَوْ بَيْعٍ مِنْ الْإِمَامِ تَبَعًا لِلْمَالِكِ لَوْ مُسْلِمًا أَوْ لِلْغَانِمِينَ لَوْ ذِمِّيًّا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قُلْت: وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: إنَّ تَمَامَ الْإِحْرَازِ بِالْقِسْمَةِ وَالْبَيْعِ كَتَمَامِهِ بِلَا خَرَاجٍ أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا مَلَكَهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ، فَإِذَا مَاتَ فِي دَارِ الْحَرْبِ يُصَلَّى عَلَيْهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِهِ) أَيْ سُبِيَ بِأَحَدِ أَبَوَيْهِ أَيْ مَعَهُ ح (قَوْلُهُ: فَأَسْلَمَ هُوَ) أَيْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ ح أَيْ فَإِنَّ الصَّبِيَّ يَصِيرُ مُسْلِمًا لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْوَلَدِ مُمَيِّزًا أَوْ لَا كَمَا مَرَّ. وَنَقَلَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي بَابِ نِكَاحِ الْكَافِرِ قَوْلَيْنِ، وَأَنَّ الشَّلَبِيَّ أَفْتَى بِاشْتِرَاطِ عَدَمِ التَّمْيِيزِ، لَكِنْ صَرَّحَ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ السِّيَرِ بِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ خَطَأٌ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
أَقُولُ: وَبَقِيَ مَا لَوْ سُبِيَ مَعَهُ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَمَاتَا ثُمَّ أُخْرِجَ إلَى دَارِنَا وَحْدَهُ فَهُوَ مُسْلِمٌ لِأَنَّهُ بِمَوْتِهِمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ تَبَعًا لَهُمَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَا بَعْدَ الْإِخْرَاجِ أَوْ الْقِسْمَةِ أَوْ الْبَيْعِ، كَذَا فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَاقِلٌ) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ أَوْ أَسْلَمَ الصَّبِيُّ لِأَنَّ كَلَامَ غَيْرِ الْعَاقِلِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِعَدَمِ صُدُورِهِ عَنْ قَصْدٍ (قَوْلُهُ أَيْ ابْنِ سَبْعِ سِنِينَ) تَفْسِيرٌ لِلْعَاقِلِ الَّذِي يَصِحُّ إسْلَامُهُ بِنَفْسِهِ، وَعَزَاهُ فِي النَّهْرِ إلَى فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ، وَفَسَّرَهُ فِي الْعِنَايَةِ بِأَنْ يَعْقِلَ الْمَنَافِعَ وَالْمَضَارَّ. وَأَنَّ الْإِسْلَامَ هُدًى وَاتِّبَاعُهُ خَيْرٌ لَهُ، وَفَسَّرَهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنْ يَعْقِلَ صِفَةَ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ مَا فِي الْحَدِيثِ «أَنْ تُؤْمِنَ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» قَالَ: وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ قَوْلِ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " لَا يُوجِبُ الْحُكْمُ بِالْإِسْلَامِ مَا لَمْ يُؤْمِنْ بِمَا ذَكَرْنَا، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ.
أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنْ يُؤْمِنَ بِذَلِكَ إذَا فُصِّلَ لَهُ وَطُلِبَ مِنْهُ الْإِيمَانُ بِهِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي، فَلَوْ أَنْكَرَهُ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِقْرَارِ بِهِ بَعْدَ الطَّلَبِ لَا يَكْفِيهِ قَوْلُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَكْتَفِي مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِقَوْلِ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " وَبِالْإِقْرَارِ بِرِسَالَتِهِ مِنْ غَيْرِ إلْزَامٍ بِتَفْصِيلِ الْمُؤْمَنِ بِهِ، نَعَمْ قَدْ يُشْتَرَطُ الْإِقْرَارُ بِالشَّهَادَتَيْنِ مَعًا أَوْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَقَدْ يُشْتَرَطُ التَّبَرُّؤُ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَدْيَانِ الْمُخَالِفَةِ أَيْضًا عَلَى مَا سَيَجِيءُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - تَفْصِيلُهُ فِي بَابِ الرِّدَّةِ عِنْدَ ذِكْرِ الشَّارِحِ هُنَاكَ أَنَّ الْكُفَّارَ خَمْسَةُ أَصْنَافٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ تَوَقُّفُهُ إلَخْ) فَإِنَّ الْعَوَّامَ قَدْ يَقُولُونَ: لَا نَعْرِفُهُ، وَهُمْ مِنْ التَّوْحِيدِ وَالْإِقْرَارِ وَالْخَوْفِ مِنْ النَّارِ وَطَلَبِ الْجَنَّةِ بِمَكَانٍ، وَكَأَنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّ جَوَابَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إنَّمَا يَكُونُ بِكَلَامٍ خَاصٍّ مَنْظُومٍ فَيُحْجِمُونَ عَنْ الْجَوَابِ بَحْرٌ عَنْ الْفَتْحِ
(قَوْلُهُ: وَيُغَسِّلُ الْمُسْلِمُ) أَيْ جَوَازًا لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْغُسْلِ كَوْنَ الْمَيِّتِ مُسْلِمًا. قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: حَتَّى لَا يَجِبَ غُسْلُ الْكَافِرِ لِأَنَّ الْغُسْلَ وَجَبَ كَرَامَةً وَتَعْظِيمًا لِلْمَيِّتِ، وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ قَرِيبَهُ) مَفْعُولٌ تَنَازَعَ فِيهِ الْأَفْعَالُ الثَّلَاثَةُ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ كَخَالِهِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرِيبِ مَا يَشْمَلُ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ الْكَافِرَ الْأَصْلِيَّ) قَيَّدَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ الْجَلَّابِيِّ فِي بَابِ الشَّهِيدِ بِغَيْرِ الْحَرْبِيِّ ط (قَوْلُهُ فَيُلْقَى فِي حُفْرَةٍ) أَيْ وَلَا يُغَسَّلُ، وَلَا يُكَفَّنُ؛ وَلَا يُدْفَعُ إلَى مَنْ انْتَقَلَ إلَى دِينِهِمْ بَحْرٌ عَنْ الْفَتْحِ (قَوْلُهُ فَلَوْ لَهُ قَرِيبٌ) أَيْ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ السُّنَّةِ) قَيْدٌ لِلْأَفْعَالِ الثَّلَاثَةِ