هَلَاكٌ وَبِغَيْرِ مَالِ التِّجَارَةِ وَالسَّائِمَةِ بِالسَّائِمَةِ اسْتِهْلَاكٌ.
(وَجَازَ دَفْعُ الْقِيمَةِ
ــ
رد المحتار
وَكَذَا الدَّرَاهِمُ أَوْ الدَّنَانِيرُ إذَا بَاعَهَا بِجِنْسِهَا أَوْ بِخِلَافِهِ كَدَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِدَنَانِيرَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَنْقَطِعُ حُكْمُ الْحَوْلِ فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مَالِ الصَّيَارِفَةِ كَمَا إذَا بَاعَ السَّائِمَةَ بِالسَّائِمَةِ.
وَلَنَا مَا قُلْنَا أَنَّ الْوُجُوبَ فِي الدَّرَاهِمِ تَعَلَّقَ بِالْمَعْنَى لَا بِالْعَيْنِ وَالْمَعْنَى قَائِمٌ بَعْدَ الِاسْتِبْدَالِ فَلَا يَبْطُلُ حُكْمُ الْحَوْلِ، بِخِلَافِ اسْتِبْدَالِ السَّائِمَةِ بِالسَّائِمَةِ، فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ فَيَبْطُلُ الْحَوْلُ الْمُنْعَقِدُ عَلَى الْأَوَّلِ وَيَسْتَأْنِفُ لِلثَّانِي حَوْلًا اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: هَلَاكٌ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا يُعَدُّ هَلَاكًا (قَوْلُهُ وَبِغَيْرِ مَالِ التِّجَارَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْمَذْكُورُ: أَيْ وَاسْتِبْدَالُ مَالِ التِّجَارَةِ بِغَيْرِ مَالِ التِّجَارَةِ اسْتِهْلَاكٌ فَيَضْمَنُ زَكَاتَهُ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَقَيَّدَهُ فِي الْفَتْحِ بِمَا إذَا نَوَى فِي الْبَدَلِ عَدَمَ التِّجَارَةِ عِنْدَ الِاسْتِبْدَالِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَنْوِ وَقْعَ الْبَدَلُ لِلتِّجَارَةِ. اهـ.
قُلْت: أَيْ وَإِذَا وَقَعَ الْبَدَلُ لِلتِّجَارَةِ فَلَا يَكُونُ الِاسْتِبْدَالُ اسْتِهْلَاكًا، فَلَا يَضْمَنُ زَكَاةَ الْأَصْلِ لَوْ كَانَ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ، وَلَا يَنْقَطِعُ حُكْمُ الْحَوْلِ لَوْ كَانَ الِاسْتِبْدَالُ قَبْلَ تَمَامِهِ بَلْ يَتَحَوَّلُ الْوُجُوبُ إلَى الْبَدَلِ فَيَبْقَى بِبَقَائِهِ وَيَسْقُطُ بِهَلَاكِهِ كَمَا نَقَلْنَاهُ صَرِيحًا عَنْ الْبَدَائِعِ، فَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ لَا تَجِبُ زَكَاةُ الْبَدَلِ بِهَذَا الِاسْتِبْدَالِ بَلْ يُعْتَبَرُ لَهُ حَوْلٌ جَدِيدٌ خَطَأٌ صَرِيحٌ فَافْهَمْ.
تَنْبِيهٌ شَمَلَ قَوْلَهُ وَبِغَيْرِ مَالِ التِّجَارَةِ مَا لَوْ اسْتَبْدَلَهُ بِعِوَضٍ لَيْسَ بِمَالٍ أَصْلًا، بِأَنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهِ امْرَأَةً، أَوْ صَالَحَ بِهِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، أَوْ اخْتَلَعَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ، أَوْ بِعِوَضٍ فَهُوَ مَالٌ لَكِنَّهُ لَيْسَ مَالَ الزَّكَاةِ بِأَنْ بَاعَهُ بِعَبْدِ الْخِدْمَةِ أَوْ ثِيَابِ الْبِذْلَةِ أَوْ اسْتَأْجَرَ بِهِ عَيْنًا، فَيَضْمَنُ الزَّكَاةَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِهْلَاكٌ؛ وَكَذَا لَوْ بَاعَ مَالَ التِّجَارَةِ بِالسَّوَائِمِ عَلَى أَنْ يَتْرُكَهَا سَائِمَةً لِاخْتِلَافِ الْوَاجِبِ فَكَانَ اسْتِهْلَاكًا، وَتَمَامُهُ فِي الْبَدَائِعِ.
تَتِمَّةٌ حُكْمُ النُّقُودِ مِثْلُ مَالِ التِّجَارَةِ، فَفِي الْفَتْحِ رَجُلٌ لَهُ أَلْفٌ حَالَ حَوْلُهَا فَاشْتَرَى بِهَا عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ فَمَاتَ أَوْ عُرُوضًا لِلتِّجَارَةِ فَهَلَكَتْ بَطَلَتْ عَنْهُ زَكَاةُ الْأَلْفِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ لِلْخِدْمَةِ لَمْ تَسْقُطْ بِمَوْتِهِ وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالسَّائِمَةُ بِالسَّائِمَةِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ قَوْلِهِ بِالسَّائِمَةِ لِيَشْمَلَ اسْتِبْدَالَهَا بِغَيْرِ سَائِمَةٍ. قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَاسْتِبْدَالُ السَّائِمَةِ اسْتِهْلَاكٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ اسْتَبْدَلَهَا بِسَائِمَةٍ مِنْ جِنْسِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ سَائِمَةٍ دَرَاهِمَ أَوْ عُرُوضٍ لِتَلَقِّي الزَّكَاةَ بِالْعَيْنِ أَوَّلًا وَبِالذَّاتِ وَقَدْ تَبَدَّلَتْ، فَإِذَا هَلَكَتْ سَائِمَةُ الْبَدَلِ تَجِبُ الزَّكَاةُ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إذَا اسْتَبْدَلَ بِهَا بَعْدَ الْحَوْلِ، أَمَّا إذَا بَاعَهَا قَبْلَهُ فَلَا حَتَّى لَا تَجِبَ الزَّكَاةُ فِي الْبَدَلِ إلَّا بِحَوْلٍ جَدِيدٍ أَوْ يَكُونُ لَهُ دَرَاهِمُ وَقَدْ بَاعَهَا بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ. اهـ. أَيْ فَحِينَئِذٍ يَضُمُّ ثَمَنَهَا إلَى مَا عِنْدَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَيُزَكِّيهِ مَعَهُ بِلَا اسْتِقْبَالِ حَوْلٍ جَدِيدٍ، وَكَذَا لَوْ بَاعَهَا بِسَائِمَةٍ وَعِنْدَهُ سَائِمَةٌ فَإِنَّهُ يَضُمُّهَا إلَيْهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي فَصْلِ السَّائِمَةِ عَنْ الْجَوْهَرَةِ.
(قَوْلُهُ: وَجَازَ دَفْعُ الْقِيمَةِ) أَيْ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ مِعْرَاجٌ، فَلَوْ أَدَّى ثَلَاثَ شِيَاهٍ سِمَانٍ عَنْ أَرْبَعٍ وَسَطٍ أَوْ بَعْضَ بِنْتِ لَبُونٍ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ جَازَ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ. ثُمَّ إنَّ هَذَا مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْمِثْلِيِّ، فَلَا تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ فِي نِصَابِ كَيْلِيٍّ أَوْ وَزْنِيٍّ، فَإِذَا أَدَّى أَرْبَعَةَ مَكَايِيلَ أَوْ دَرَاهِمَ جَيِّدَةً عَنْ خَمْسَةٍ رَدِيئَةٍ أَوْ زُيُوفٍ لَا يَجُوزُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ إلَّا عَنْ أَرْبَعَةٍ، وَعَلَيْهِ كَيْلٌ أَوْ دِرْهَمٌ آخَرُ خِلَافًا لِزُفَرَ، وَهَذَا إذَا أَدَّى مِنْ جِنْسِهِ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ هُوَ الْقِيمَةُ اتِّفَاقًا لِتَقَوُّمِ الْجَوْدَةِ فِي الْمَالِ الرِّبَوِيِّ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِخِلَافِ جِنْسِهِ.
ثُمَّ إنَّ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ الْأَنْفَعُ لِلْفَقِيرِ مِنْ الْقَدْرِ وَالْقِيمَةِ. وَعِنْدَهُمَا الْقَدْرُ، فَإِذَا أَدَّى خَمْسَةَ أَقْفِزَةٍ رَدِيئَةٍ عَنْ خَمْسَةٍ جَيِّدَةٍ لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُ حَتَّى يُؤَدِّيَ تَمَامَ قِيمَةِ الْوَاجِبِ وَجَازَ عِنْدَهُمَا، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَالُ جَيِّدًا وَأَدَّى مِنْ جِنْسِهِ رَدِيئًا،