لِاشْتِبَاهِ الْخَطِّ، حَتَّى لَوْ أَتَى بِهَا عَلَى خِلَافِ اسْمِ ذَلِكَ الْعَاشِرِ حَلَفَ وَصُدِّقَ وَعُدَّتْ عَدَمًا وَلَوْ ظَهَرَ كَذِبُهُ بَعْدَ سِنِينَ أُخِذَتْ مِنْهُ (إلَّا فِي السَّوَائِمِ وَالْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ بَعْدَ إخْرَاجِهَا مِنْ الْبَلَدِ) لِأَنَّهَا بِالْإِخْرَاجِ الْتَحَقَتْ بِالْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ فَكَانَ الْأَخْذُ فِيهَا لِلْإِمَامِ فَيَكُونُ هُوَ الزَّكَاةَ، وَالْأَوَّلُ يَنْقَلِبُ نَفْلًا وَيَأْخُذُهَا مِنْهُ بِقَوْلِهِ لِقَوْلِ عُمَرَ: لَا تَنْبُشُوا عَلَى النَّاسِ مَتَاعَهُمْ لَكِنَّهُ يُحَلِّفُهُ إذَا اُتُّهِمَ (وَكُلُّ مَا صُدِّقَ فِيهِ مُسْلِمٌ) مِمَّا مَرَّ (صُدِّقَ فِيهِ ذِمِّيٌّ) لِأَنَّ لَهُمْ مَا لَنَا (إلَّا فِي قَوْلِهِ أَدَّيْت) أَنَا (إلَى فَقِيرٍ) لِعَدَمِ وَلَايَةِ ذَلِكَ.
ــ
رد المحتار
وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَشَرْطُ إخْرَاجِهَا رِوَايَةُ الْأَصْلِ: وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِرَاطِ الْيَمِينِ مَعَهَا كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ: لِاشْتِبَاهِ الْخَطِّ) ؛ لِأَنَّ الْخَطَّ يُشْبِهُ الْخَطَّ وَقَدْ يُزَوَّرُ وَقَدْ لَا يَأْخُذُ الْبَرَاءَةَ غَفْلَةً مِنْهُ، وَقَدْ تَضِلُّ بَعْدَ الْأَخْذِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ تُجْعَلَ حُكْمًا فَيُعْتَبَرُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ كَافِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَعُدَّتْ عَدَمًا) قَدْ يُقَالُ إنَّهُ دَلِيلُ كَذِبِهِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ ذَكَرَ الْحَدَّ الرَّابِعَ وَغَلِطَ فِيهِ، فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى، وَإِنْ جَازَ تَرْكُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا عِبَادَةٌ بِخِلَافِ حُقُوقِ الْعِبَادِ الْمَحْضَةِ بَحْرٌ وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ: أُخِذَتْ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ ثَابِتٌ فَلَا يَسْقُطُ بِالْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ بَحْرٌ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْحَرْبِيِّ أَمَّا فِيهِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ، ثُمَّ خَرَجَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ لِمَا مَضَى. اهـ.
ح (قَوْلُهُ: إلَّا فِي السَّوَائِمِ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ تَصْدِيقِهِ فِي قَوْلِهِ: أَدَّيْت إلَى الْفُقَرَاءِ أَيْ فَلَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ: أَدَّيْت زَكَاتَهَا بِنَفْسِي إلَى الْفُقَرَاءِ فِي الْمِصْرِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ لِلسُّلْطَانِ فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ بِخِلَافِ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ بَحْرٌ.
قُلْت: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْأَدَاءَ إلَى السَّاعِي يُصَدَّقُ (قَوْلُهُ: وَالْأَمْوَالَ الْبَاطِنَةَ) أَيْ وَإِلَّا فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ إخْرَاجِهَا: أَيْ إخْرَاجِ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ مُتَعَلِّقٌ بِأَدَّيْت الْمُقَدَّرِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِالِاسْتِثْنَاءِ.
وَالْمَعْنَى: لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى زَكَاةَ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ بِنَفْسِهِ بَعْدَ إخْرَاجِهَا مِنْ الْبَلَدِ لَا يُصَدَّقُ وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِالْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ تَعَلُّقًا نَحْوِيًّا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا مَعْنَوِيًّا عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ أَوْ حَالٌ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ بَعْدَ إخْرَاجِهَا سَوَاءٌ قَالَ: أَدَّيْت قَبْلَ الْإِخْرَاجِ أَوْ بَعْدَهُ مَعَ أَنَّهُ بَعْدَ مُرُورِهِ بِهَا عَلَى الْعَاشِرِ لَوْ قَالَ أَدَّيْت إلَى الْفُقَرَاءِ فِي الْمِصْرِ يُصَدَّقُ كَمَا مَرَّ فِي الْمَتْنِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: فَكَانَ الْأَخْذُ فِيهَا لِلْإِمَامِ) كَمَا فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ وَهِيَ السَّوَائِمُ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ يَنْقَلِبُ نَفْلًا) هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ الثَّانِي سِيَاسَةً، وَهَذَا لَا يُنَافِي انْفِسَاخَ الْأَوَّلِ وَوُقُوعِ الثَّانِي سِيَاسَةً بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ ثَانِيًا لِعِلْمِهِ بِأَدَائِهِ فَفِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَفِي جَامِعِ أَبِي الْيُسْرِ لَوْ أَجَازَ إعْطَاءَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الدَّفْعِ جَازَ وَكَذَا إذَا أَجَازَ دَفْعَهُ نَهْرٌ.
(قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُهَا مِنْهُ بِقَوْلِهِ) أَيْ يَأْخُذُ مِنْهُ الْعَاشِرُ الصَّدَقَةَ بِقَوْلِهِ قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمَبْسُوطِ: إذَا أَخْبَرَ التَّاجِرُ الْعَاشِرَ أَنَّ مَتَاعَهُ مَرْوِيٌّ أَوْ هَرَوِيٌّ وَاتَّهَمَهُ الْعَاشِرُ فِيهِ وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ حَلَّفَهُ وَأَخَذَ مِنْهُ الصَّدَقَةَ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَلَايَةُ الْإِضْرَارِ بِهِ وَقَدْ نُقِلَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَّالِهِ: وَلَا تُفَتِّشُوا عَلَى النَّاسِ مَتَاعَهُمْ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَا تَنْبُشُوا) النَّبْشُ إبْرَازُ الْمَسْتُورِ وَكَشْفُ الشَّيْءِ عَنْ الشَّيْءِ الْقَامُوسُ وَبَابُهُ نَصَرَ كَذَا فِي جَامِعِ اللُّغَةِ ح.
وَاَلَّذِي قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَحْرِ: لَا تُفَتِّشُوا بِالْفَاءِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ مَا صُدِّقَ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَكُلُّ مَالٍ وَالْمُنَاسِبُ هُوَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ مَا غَيْرُ وَاقِعَةٍ عَلَى الْمَالِ وَلِذَا بَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ مِمَّا مَرَّ أَيْ مِنْ إنْكَارِ الْحَوْلِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُمْ مَا لَنَا) أَيْ فَيُرَاعَى فِي حَقِّهِمْ تِلْكَ الشَّرَائِطُ مِنْ الْحَوْلِ وَالنِّصَابِ، وَالْفَرَاغُ مِنْ الدَّيْنِ، وَكَوْنُهُ لِلتِّجَارَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: إذَا أُلْحِقُوا بِالْمُسْلِمِينَ وَجَبَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ رُبُعُ الْعُشْرِ كَالْمُسْلِمِينَ. قُلْنَا: الْمَأْخُوذُ مِنَّا زَكَاةٌ حَقِيقَةً وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ كَالْجِزْيَةِ حَتَّى يُصْرَفَ إلَى مَصَارِفِهَا لَا زَكَاةٌ؛ لِأَنَّهَا طُهْرَةٌ وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا وَتَمَامُهُ فِي الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وَلَايَةِ ذَلِكَ) فَإِنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ جِزْيَةٌ وَفِيهَا لَا يُصَدَّقُ إذَا قَالَ أَدَّيْتهَا؛ لِأَنَّ فُقَرَاءَ