وَلَيْسَ عَنْ نَصْبِ سِوَاهُ مُغْنيِ، وَلَيْسَ، الواحد الذي رُفِع أو نُصِب على أنه مفعول، أو جُرّ .. ليس مغنياً عن نصب سواه، بل يُنصَب السوى الذي هو سوى ذلك الواحد الذي أشغلتَ به العامل.
إذن: فَمَعْ تَفْرِيغٍ التَّأْثِيرَ، التَّأْثِيرَ هذا بالنصبِ مفعول مُقدّم لـ دَعْ، بِالْعَامِلِ، دَعْ: أي اتركه باقياً في واحدٍ مما استُثني بـ (إلا) هذا صفة لواحد، (ما) هذه موصولة واقعة على المستثنَيات، مما استُثني بـ (إلا) صلة (ما)، وَلَيْسَ ذلك الواحد عَنْ نَصْبِ سِوَاهُ، أي سوى ذلك الواحد الذي شغلتَ به العامل، مُغْنِي أصله مُغنيا، فوُقف عليها على لغة ربيعة، فلذا جعلناه خبرا لليس، ليسَ هو أي ذلك الواحد مُغنياً عن نصب سواه.
ولك أن تجعل " مُغْنِي" اسم ليس، وليس مُغنٍ عن نصب سواه موجود، وهذا الأول أولى، أن تجعل مُغنيا هذا خبر ليس، واسمُ ليس ضميرٌ مستتر يعودُ على واحد على الواحد.
دَعْ إي اتركه باقياً في واحدٍ، دلَّ على أن ترك العمل بـ (إلا) ليس مخصوصا بواحدٍ دون واحد، بل يجوزُ إلغاء (إلا) في الأول دون الثاني والثالث، وفي الثاني دون الأول والثالث، وفي الثالث دون الأول والثاني، كما ذكرناه من الأمثلة السابقة.
مِمَّا بِـ (إِلاَّ) اسْتُثْنِي ... وَلَيْسَ عَنْ نَصْبِ سِوَاهُ مُغْنِي قوله: بِالْعَامِلِ ما المراد بالعامل هنا؟
هذا وقعَ فيه نزاع بين الشراح، هل المراد به العامل المفرَّغ الذي يكون قبل (إلا) أو المراد به (إلا) نفسُها؟
هذا محتمِل، بالعامل المفرّغ الذي هو الفعل مثلاً قبل (إلا)، أو المراد بالعامل هنا (إلا) نفسها؟ هذا يحتمل حمل العامل على ما قبل (إلا)، ما قامَ إلا زيدٌ، قام، هو الذي اقتضى رفعَ زيد أو (إلا) نفسها؟ بحملِ العامل على ما قبل (إلا)، وحمله المرادي على (إلا). أي اترك تأثيرَ إلا النصبَ في واحدٍ -وهذا فيه نوع تكلّف-، أي اترك تأثير (إلا) النصب في واحدٍ أي لا تجعلها مُؤثِّرة في واحد.
ويؤيِّد الأول قوله: مِمَّا بِـ (إِلاَّ)، إذ لو كان العامل هو (إلا)، لكان القياس أن يقول: مما به. ويُؤيِّد الثاني عدمَ إحواجه إلى تقديره في دع، لأن دع هذا جعلَه ابن عقيل بمعنى اجعل، وهذا لا يُعرَف في لسان العرب. وعليه قولُهُ: فِي وَاحِدٍ، المراد اترك التأثيرَ في واحد، واجعله مؤثّراً في البقية، هذا إن أُريد بالعامل ما قبل (إلا)، فإن أُرِيد به (إلا) كان الكلام على ظاهره، أي اترك تأثير (إلا) النصب في واحدٍ، أي لا تجعلها مؤثّرة النصب في واحد واجعلها مؤثرة النصب في البقية.
إذن ثَم خلاف في تفسير العامل، والظاهر أن المراد به ما قبل (إلا).
وَإِنْ تُكَرَّرْ (لاَ) لِتَوكِيدٍ فَمَعْ ... تَفْرِيغٍ التَّأْثِيرَ بِالْعَامِلِ دَعْ
يعني اتركه باقياً
فِي وَاحِدٍ مِمَّا بِـ (إِلاَّ) اسْتُثْنِي ... وَلَيْسَ عَنْ نَصْبِ سِوَاهُ مُغْنِي
يعني أن ما سوى المستثنى الذي تُلغى (إلا) معه يُنصب، ونصبه بالعامل الذي هو (إلا)، وعلى هذا الوجه حملَهُ المرادي-حمل العامل-، وحمله ابن عقيل على أنه العامل الذي قبل (إلا) وجعل (دع) بمعنى (اجعل).