وجارّاً ومجروراً: ((فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ)) القصص:٧٩ استقرَّ في زينته, مُستقِرّاً في زينته, كائناً في زينته, ثبتَ؛ حصلَ في زينته, إذن في زينته: نقول هذا حال وقعَ جارّاً ومجروراً, ويَتعلّقان بمستقرِّ أو استقرَّ محذوفينِ وجوباً, وجملةُ سواء كان جملة اسمية أو جملة فعلية، ولذلك قال:
وَمَوْضِعَ الْحَالِ موضعَ هذا منصوب على الظرفية المكانية, وهو على غير القياس, مَوضع مضاف والحال مضاف إليه, والعامل فيه تجيءُ, وتجيءُ: فعل مضارع, وجملةُ: فاعل, تجيء جملة موضعَ الحال, حينئذٍ تكونُ في محلِّ نصب, لأن الحالَ منصوبة وكذلك ما جاء في موضع الحال يكون منصوباً، لكن إعراب المفرد يكونُ لفظاً ظاهراً أو مُقدّراً.
وأما إعرابُ الجملةِ فيكون محليّاً. إعرابُ الجمل والمبنيات نقول هذا محليٌّ.
ويُشترَط في الجملة التي يصحُّ وقوعها حالا كونها خبرية, حينئذٍ لا يصحُّ إيقاع الجملة الطلبية ولا الإنشائية بموضع الحال, وهم حملوا الحال على باب الخبر والنعت, فهما مُشتبهين, فاشترطوا كونها خبرية تغليباً لشبهه بالنعت, تغليباً لشبه الحال بالنعت, سيأتي في النعت هنا: وَامْنَعْ هُنَا إيقَاعَ ذَاتِ الطَّلَبِ.
أي: ذات الطلب لا تصحُّ بخلاف الخبر, الخبر سبقَ معنا أنه يصحُّ أن يقال: زيدٌ اضربه, على الصحيح, يصحُّ أن تقع الجملة الطلبية خبراً لمبتدأ, زيد: مُبتدأ, اضربه: جملة طلبية يصحُّ أن تكون خبراً على المبتدأ، لكن في النعت لا يصح.
وامنع هنا -في النعت– هنا نصَّ على باب النعت, وامنع هنا إيقاع ذات الطلب, فإذا جاء حينئذٍ يُضمر فيها القول, هنا اشترطوا أن تكون خبرية تغليباً لشبه الحال بالنعت في كونه قيداً مخصّصاً على شبهه بالخبر في كونه محكوماً به. هذا من دقّة النحاة؛ لأن النعت مُخصّص, كما أن الحال مُخصِّص، والخبر محكوم به فحسب، ليس فيه فائدة الاختصاص, يعني: لا ينفى مدلولَ الخبر عن غير المبتدأ، زيد قائم: أثبتنا القيام لزيد, ليسَ فيه تخصيص, عمرو؛ خالد قد يكونُ قائماً بخلاف النعت، فالأصل فيه أن يكونَ النعتُ للاحتراز؛ جاء زيد العالم, العالم الأصل أنه احتراز عن غير العالم, فهو فيه تخصيص, الحال أيُّهما أقربُ إلى الخبر في كونه محكوماً به فحسب أو كونه فيه نوع تخصيص؟ لاشكّ أنه الثاني, فلذلك أُلحقت بالنعت في هذا المقام؛ فاشتُرطَ في الجملة أن تكون خبرية لا طلبية ولا إنشائية, وحينئذٍ يمتنعُ إيقاعُ الطلبية حالاً؛ كما يمتنعُ إيقاع الإنشائية حالاً فلا يصحّ, وما جاء من ذلك مؤول كما قال ابن هشام في الأوضح وغيره.
إذن: وَمَوْضِعَ الْحَالِ تَجِيءُ جُمْلَهْ خبرية يُقيدها, فخرجت بها الإنشائية والطلبية.
الشرط الثاني: أن تكون غير مُصدَّرة بدليل استقبال, دليل الاستقبال مثل: (لن) و (السين) و (سوف)؛ نقول هذه لا تدخلُ على الجملة الخبرية، لأن الجملة الخبرية قد تكون مُصدّرة بذلك.