ونونِ أقبلنَّ .. ونونِ بالجر، عطفاً على تاء، يعني: بنون أقبلن، يعني: ونون التوكيد الثقيلة أو الخفيفة نحو: أقبلن، أقبلنَّ: هذا فعل أمر اتصلت به نون التوكيد الثقيلة، هل اتصال نون التوكيد الثقيلة خاص بفعل الأمر؟ الجواب: لا، وإن أوهمته عبارة المصنف، بل هو عام، لا خصوص هذا الفعل، لماذا؟ لأنه يدخل الفعل المضارع: ((لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ)) يوسف:٣٢ ونحو: ((لَنَسْفَعاً)) العلق:١٥ وقد اجتمعا في قوله: ((لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً)) يوسف:٣٢.
وأما لحاقها اسم الفاعل في قوله:
أَشَاهِرُنَّ بَعْدَنَا السُّيُوفَا
وقوله:
أَقَائِلُنَّ أَحْضِرُوا الشُّهُوْدَا
، فهذا شاذ لا يعول عليه، يعني: يحفظ ولا يقاس عليه، وسهَّلَه مشابهته للمضارع لفظاً ومعنىً.
إذاً: هذه أربع علامات للفعل، لكن المصنف هنا قال: فعل ينجلي، بهذه المسائل، بهذه العلامات، هل أراد خصوص فعل، أم أطلقها مشتركة ثم فصل بعد ذلك؟ الثاني، ولذلك نقول: فعل هنا: المراد به المصدقات، بقطع النظر عن كونه مضارعاً أو ماضياً أو أمراً، فعل: قلنا: هذا اسم، أليس كذلك؟ اسم لكلمة مخصوصة يصدق على أي شيء؟ على الأفعال الماضية والأفعال المضارعة والأمر، هل هنا عين نوعاً واحداً من هذه الأنواع؟ الجواب: لا، لأنه سيأتي:
فِعْلٌ مُضَارِعٌ يَلِي لَمْ كَيَشَمْ ...
وَمَاضِيَ الأفْعَالِ بِالتَّا مِزْ وَسِمْ ...
فأجمل أولاً ثم فصل ثانياً.
فِعْلٌ يَنْجَلِي: .. يعني: يظهر بما ذكرناه، قال السيوطي في جمع الجوامع: جميع ما ذكره الناس من علامات الفعل بضع عشرة علامة، وهي: تاء الفاعل أولاً، ثانياً: ياؤه، ثالثاً: تاء التأنيث الساكنة، رابعاً: قد، خامساً: السين، سادساً: سوف، سابعاً: لو، ثامناً: النواصب لن .. يعني: لن وأخواتها، تاسعاً: الجوازم، عاشراً: أحرف المضارعة، على الصحيح وإن أنكرها ابن هشام، الحادي عشر: نونا التوكيد، ثاني عشر: اتصاله بضمير الرفع البارز، ثالث عشر: لزومه مع ياء المتكلم نون الوقاية، سيأتي:
وَقَبْلَ يَا النَّفْسِ، ثالث عشر: لزومه مع ياء المتكلم نون الوقاية، رابع عشر: تغيير صيغته لاختلاف الزمان.
هذه أربع عشرة علامة، أكثر ما قيل في ما يميز الفعل عن قسيميه الاسم والحرف هو وجود واحد من هذه العلامات، لكن لا يشترط أن توجد بالفعل ولا يشترط أن يقبل الفعل كل العلامات، بل قد يقبلها بعضها والبعض لا يقبله كما ذكرناه في الاسم.
فمعنى البيت: ينجلي الفعل بتاء الفاعل، وتاء التأنيث الساكنة، وياء الفاعلة، ونون التوكيد، حينئذٍ جعل البيت .. قال: ينجلي، جملة فعلية أو اسمة؟ فعلية، لو أردناه جملة اسمية، نقول: الفعل ينجلي بتاء الفاعل، على الإعراب الذي ذكرناه، وهو لم يجعله على الإعراب المشهور.
ينجلي الفعل، يعني: يظهر وينكشف ويتميز عن قسيميه الاسم والحرف بتاء الفاعل، وما عطف عليه.
سِوَاهُمَا الْحَرْفُ .. سوى ماذا؟ سوى الاسم والفعل، لكن هذا غلط، لماذا؟ لأن سواهما، الحرف .. سوى الاسم والفعل هذا معلوم؛ لأنه قال: