فحينئذٍ إذا قيل: أل للعهد لا يلزم منه الاكتفاء بأحد التائين دون الأخرى، بل المراد بالعهد هنا جنس التاء الصادقة بتاء الفاعل، وتاء التأنيث، إذاً: أل للعهد الذكري، والمعهود التاء المتقدمة بنوعيها، أي: تاء فعلتَ وتاء أتت، فالمعهود حينئذٍ أمران: تاء الفاعل وتاء التأنيث.
مِز ماضي الأفعال بالتاء، وسم فعل الأمر بالنون، أي نون؟ ونون أقبلن، التي هي نون التوكيد الثقيلة والخفيفة، سم يعني: علِّم، فعل الأمر بنون التوكيد الثقيلة .. اجعله علامةً عليه، متى؟ قيده: إن أمر فهم، يعني: إن فهم أمر فهم، من باب قوله: ((وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ)) التوبة:٦.
إنْ أَمَرٌ .. إن: حرف شرط، وحرف الشرط لا يليه إلا الفعل، أين الفعل هنا؟ نقول: محذوف وجوباً، يفسره الفعل المذكور بعده، ولذلك نقول: من باب: ((وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ)) التوبة:٦ والأصل: وإن استجارك أحد من المشركين، فحينئذٍ هذا الفعل المحذوف وجوباً هنا لوجود المفسر، نقول: فسره هذا اللفظ، هذا مثله: وإن .. إن أمر فهم، ما المراد بالأمر هنا؟ هل المراد به الأمر الاصطلاحي، أو الأمر اللغوي؟ الثاني، والمراد بالأمر اللغوي هو الطلب، يعني: إن أمر فهم: إن طلبٌ فُهِم من اللفظ بصيغته، لا بد من هذا التقييد، إن أمر فهم، يعني: إن طلب فهم من اللفظ بصيغته، فالعلامة حينئذٍ مركبة من شيئين: قبوله نون التوكيد الثقيلة والخفيفة، مع دلالته على الطلب.
بصيغته: احترازاً مما لو قبل النون ودل على الطلب بواسطة، مثل ماذا؟ ((لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ)) الطلاق:٧ لينفق: نقول: لينفق، هذا طلب أو لا؟ طلب لا شك، لكنه هل هو بالصيغة أو بواسطة؟ الثاني، وهي دخول لام الأمر على الفعل؛ لأن أصله: ينفق، ليس فيه طلب، لما دخلت عليه اللام لام الأمر أفاد الطلب.
إذاً: لا يكون أمراً اصطلاحياً إلا إذا دل اللفظ عليه بذاته بصيغته، فإن كان بواسطة فحينئذٍ يمتنع كونه فعلاً، يعني: فعل أمر.
وسِمْ بالنون، قلنا: أل هذه للعهد الذكري، أي: قبولها، بالنون المذكورة سابقاً، أي: نون التوكيد الثقيلة والخفيفة، إن أمر فهم من اللفظ، أي: من صيغته، فلا يرد المضارع المقرون بلام الأمر؛ لأن انفهام الطلب ليس من صيغة المضارع بل من اللام.
ثم قال:
واَلأَمْرُ إنْ لَمْ يَكُ لِلنُّونِ مَحَلْ ... فِيهِ هُوَ اسْمٌ نَحْوُ صَهْ وَحَيَّهَلْ
في الأفعال السابقة: كل ما دل على معنى الفعل الماضي ولم يقبل علامته فهو اسم فعل ماضي، وكل ما دل على معنى المضارع ولم يقبل علامته فهو اسم فعل مضارع، وكل ما دل على الأمر الطلب ولم يقبل علامته فهو اسم فعل أمر، إذاً: ثلاثة أشياء: اسم فعل ماضي، واسم فعل أمر، واسم فعل مضارع.
الناظم هنا لم يذكر إلا نوعاً واحداً، لماذا؟ لكثرته، ترك اسم الفعل المضارع، وترك اسم الفعل الماضي، كهيهات، وشتان، لماذا؟ لقلته، أما اسم فعل الأمر فهو كثير ولذلك ذكره:
واَلأَمْرُ إنْ لَمْ يَكُ لِلنُّونِ مَحَلْ ... فِيهِ هُوَ اسْمٌ نَحْوُ صَهْ وَحَيَّهَلْ