قال بعضُهم .. ومنهم ابنُ مالك: أو وقعَ مفعولاً به، يعني إذا جاءَ في محلِّ مفعول به صارَ متصرفاً ومثَّل له بقوله: ((وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا)) الأعراف:٨٦ (إذ) قال هذه مُتصرّفة؛ لأنها في محلّ مفعول به، أو بدلاً منه؛ بدلاً من (إذ) كما في قوله تعالى: ((وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ)) مريم:١٦ قال إِذِ انتَبَذَتْ بدل اشتمال من قوله وَاذْكُرْ, فـ إِذِ انتَبَذَتْ بدل اشتمال من مَرْيَمَ, ومنعَ ذلك الجمهور، الجمهور على المنع؛ على أنها ملازمة للظرفية فلا تتصرّف.
وترد للتعليل - (إذ) - تَرِد للتعليل, فحينئذٍ تكون حرفاً على المشهور عند النحاة، حينئذٍ (إذ) هنا المراد التي تضاف إلى ما بعدها ليست إذ الحرفية التي تكون للتعليل, وقد قيل: إنها للظرفية والتعليل مُستفاد من قوة الكلام, هكذا قيل, لكن المشهور أن (إذ) التعليلية حرف وليست باسم حينئذٍ ليست هي التي تضاف إلى ما بعدها.
حَيْثُ وَإِذْ نقول ملازمان للإضافة، ثم لا يُضافان إلى المفرد, وشذ إضافة حيث إلى المفرد وهو مذهبُ الكوفيين كما سيأتي, حينئذٍ يُضافان إلى الجملة, ولذلك أطلقَ الناظم هنا قال:
وألزموا حيثُ وإذ إضافةً إلى الجمل، إلى الجمل أطلقَ الجمل، حينئذٍ يعمّ الجملة الاسمية والجملة الفعلية, تقول: إذ زيدٌ قائم, إذ قام زيدٌ, يجوزُ هذا وذاك.
وتقول: حيثُ جلسَ زيدٌ, وحيثُ زيدٌ جالس، إذن: أُضيف إلى الجملة الاسمية والجملة الفعلية, وظاهر كلامه استواء الطرفين؛ لأنه أطلقَ الجمل؛ يعني إضافة حيثُ إلى الجملة الاسمية والفعلية بمرتبة واحدة, كلاهما في مرتبة واحدة، وكذلك إضافة (إذ) إلى الجملة الاسمية والجملة الفعلية في مرتبة واحدة, وليس الأمرُ كذلك, بل إضافة (إذ) إلى الجملتين في الجملة على مرتبة واحدة, وأما (حيثُ) لا، فيه تفصيل, (حيثُ) نقول إضافة (حيثُ) إلى الفعلية أكثر من إضافتها للاسمية، يعني في لسان العرب الأفصح والأكثر المطرد إضافة (حيثُ) إلى الجملة الفعلية دون إضافتها إلى الجملة الاسمية، وأما إضافتها إلى الجملة الاسمية فهو أقل، حينئذٍ ليسَ على مرتبة واحدة .. ليس في مرتبة واحدة, وإذ إضافتها إلى الجملتين بمنزلة واحدة.
إذن: إضافة (إذ) إلى الجملة الاسمية أو الفعلية في مرتبة واحدة، لكن ثَم استحسان فيما إذا كان خبرها فعلاً ماضياً .. سيأتي.
وإضافة (حيثُ) لا، نقول: إضافتها إلى الجملة الفعلية أكثر من إضافتها إلى الجملة الاسمية.
إذن: قوله: وألزموا (حيثُ) وإذ إضافة إلى الجمل، نقول ليس على إطلاقه, أما من حيث الإضافة -مطلق الإضافة- إلى الاسمية والفعلية فهذا لا إشكال فيه, وقد يكون هو الذي أراده الناظم هنا.