هل هي علامة إعراب؟ أبوك لوحدها هي علامة إعراب، الواو؟ لا، لماذا؟ لعدم تسلط العامل عليها؛ لأن الكلمة كما سبق معنا مراراً: أنه قبل التركيب لا توصف بإعراب ولا بناء، إذاً: أبوك الواو هذه ليست علامة إعراب، بل هي لام الكلمة، إذا قلت: هذا أبوك، هذا: العامل المبتدأ هنا يقتضي رفع أبوك على أنه خبر له، إذاً لا بد من حرف يرفع به أبوك، هو الحرف الذي كان قبل الدخول زاده معنىً زيادةً على كونه لام الكلمة، جعله علامة إعراب فقط، صيره علامة إعراب مع وجوده هو هو نفسه، وإنما زاده معنى.
يتضح أكثر أن نقول: المسلمان، مسلم إذا أدرت تثنيته قلت: مسلمان، الألف هذه ما نوعها؟ علامة تثنية، هل هي علامة رفع؟ لا قطعاً، إذاً: لها دلالة واحدة فقط من جهة واحدة، وهي أنها تدل على التثنية، فتقول: مسلمان: هذا تثنية مسلم، والذي دل على أنه تثنية مسلم وجود الألف، هل نقول: الألف هذه هي التي عناها ابن مالك بالألف ارفع المثنى؟ لا قطعاً، لماذا؟ لأنها لم يسلط عليها عامل، فإذا سلط عليها عامل قلت: جاء المسلمان صار الألف هذه لها جهتان:
علامة تثنية، وعلامة رفع، دخول العامل ماذا صنع؟ هل أوجد حرفاً لم يكن، أم أنه زاده معنى؟ الثاني، ولذلك نقول: يجلبه العامل المراد به أنه يطلبه، ويقتضيه لا أنه يحدثه بعد أن لم يكن، ليدخل معنا أبوك، والمسلمان والمسلمون في حالة الرفع فحسب.
هذا أبوك .. جاء المسلمان، المسلمون، الواو هذه قبل تسليط العامل حرف يدل على الجمعية فحسب وليس بحرف أعراب، فلما دخل عليه العامل: جاء المسلمون، قلنا: العالم هذا صير هذا الحرف مع دلالته على الجمعية جعله علامة إعراب، إذاً: لم يحدث شيئاً لم يكن قبل.
يجلبه العامل، أي: يطلبه ويقتضيه لا يحدثه بعد أن لم يكن، فلا يرد حينئذٍ ما رفع بالواو رفعاً من الأسماء الستة أو المثنى أو جمع المذكر السالم، فهذه ترفع بالواو، وهذه الواو موجودة قبل تسليط العامل، وإنما العامل زادها معنىً على المعنى الذي دلت عليه أولاً، أما أبوك لا تدل على معنى، الواو قبل تسليط العامل لا تدل على معنى، لماذا؟ لأنها كالدال من زيد، وأما المسلمان –الألف- فهذه حرف معنى، تدل على تثنية ما دخلت عليه، وكذلك المسلمون: هذه الواو حرف معنى وهو دال على الجمعية.
لما سلط عليهما العامل زاده مع دلالته على التثنية، زاده بكونه علامةً على الرفع، وهي التي عناها ابن مالك بقوله: بالألف ارفع المثنى، وكذلك يقال في الواو.
يجلبه العامل: هذا يحترز به عن حركة لم يجلبها العامل، كحركة النقل والإتباع، والتخلص من الساكنين، فلا يكون إعراباً؛ لأن العامل لم يجلبها: ((قُمِ اللَّيْلَ)) المزمل:٢ نقول: هذا مبني لا يرد معنا، الحمدِ لله: على قراءة الإتباع، الحمْدِ: بالكسر، هل نقول: الكسرة هذه علامة إعراب؟ لا، لماذا؟ لأن الحركة التي تكون إعراباً لا بد وأن تكون مقتضاة لعامل، جلبها عامل، وهذه لم يجلبها عامل، ولا يوجد حركة يجلبها العامل إلا حركة الإعراب فقط، وأما ما عداها فليست مقتضاة لعامل حتى حركة البناء.
ولذلك نقول من باب الضبط والتأصيل: الحركات كلها في لسان العرب لا تخرج عن سبعة أنواع، كلها لا تخرج عن سبعة أنواع: