الخامس: أن يكون تاماً، واحترز بذلك من الأفعال الناقصة نحو: كان وأخواتها وكاد وأخواتها، فلا يقال: ما أكون زيداً قائماً، وأجازه الكوفيون بناء على أن قائماً هذا ليس خبراً بل هو حال، وهذا سبق بيانه. وأجازه الكوفيون بناء على أصله من أن المنصوب بعد كان حال، إذن لا يكون كان وأخواتها مما يقع به التعجب، فلا يقال: ما أكون زيداً؛ لأنه لو صح ما أكون زيداً قائماً لزم نصب أفعَل لشيئين وهما: زيداً المتعجب منه، والخبر؛ لأنه لا بد من خبر، مهما تصرفت كان لا بد من اسم وخبر، إذن نصب به شيئان، فيقال: ما أكون زيداً قائماً، هل يجوز حذف قائماً من أجل أن يبقى في اللفظ زيداً فقط؟ لا يجوز، ولا يجوز حذف قائماً لامتناع حذف خبر كان، ولا جره باللام لامتناع جر الخبر باللام.
إذن لا يتصرف في أفعل بكونه على وزن كان فينصب شيئين اثنين، بل لا بد أن يكون ناصباً لواحد.
سادساً: أن لا يكون منفياً، فلا يبنى من المنفي لالتباسه بالمثبت؛ لأنه إذا قيل: ما ضربت زيداً، ما أضرب زيداً، فحينئذٍ صار مثبتاً التبس المنفي بالمثبت، وهذا يشمل النوعين سواء كان المنفي لزوماً؛ لأن بعض الألفاظ ملازمة للنفي لا تكون مثبتة، أو يكون ما هو قابل للإثبات والنفي، نحو: ما عاج فلان بالدواء، أي ما انتفع به، لا يقال: ما أعوجه، أو ما أعيجه؛ لأن هذا ملازم للنفي، فإذا أدخلته في صيغة ما أفعل صار مثبتاً، نقول: هذا فيه إبطال لمعناه فيلتبس حينئذٍ المعنى هل هو مثبت أو منفي، ما عاج مضارعه يعيج، وأما عاج يعوج بمعنى ما ل يميل فيستعمل في الإثبات.
إذن عاج هذا مضارعه يعيج، وهذا الذي يمنع، وأما عاج يعوج بالواو بمعنى مال يمل فيستعمل في الإثبات. أو جوازاً نحو: ما ضربت زيداً، نقول: هذا نفي، هل يتعجب منه؟ الجواب: لا. لماذا؟ مع كونه قد يكون مثبتاً، نقول: في هذا التركيب لا. حينئذٍ ألا يكون منفياً سواء كان المنفي لزوماً يعني ملازم للنفي، ولا يكون مثبتاً أو يكون ويكون، فالحكم عام.
السابع: أن لا يكون الوصف منه على أفعَل، وهو الذي أشار إليه بقوله: (وَغَيْرِ ذِي وَصْفٍ يُضَاهِي أَشْهَلاَ) يعني: غير صاحب وصف ليس الوصف منه مشابهاً لأفعل، فإن كان الوصف منه على وزن أفعل، اسم الفاعل على وزن أفعل امتنع التعجب منه، واحترز بذلك من الأفعال الدالة على الألوان: سوِد فهو أسود، فلا يقال: ما أسوده، وكذلك العيوب عوِر ما أعوره، لا يقال: ما أعوره، ممتنع لأن الوصف منه على وزن أفعل، ولا يقال في حوِل أحول ما أحوله، ولا يقال: ما أحمره حمِر، اسم الفاعل منه أحمر فلا يقال: ما أحمره، إذن كل ما كان الوصف اسم الفاعل منه على زن أفعل فلا يتعجب منه.
أن لا يكون الوصف منه على أفعل، واحترز بذلك من الأفعال الدالة على الألوان، كسود فهو أسود، وحمر فهو أحمر، والعيوب كحول فهو أحول، وعور فهو أعور، فلا تقول: ما أسوده ولا ما أحمره، ولا ما أحوله، ولا ما أعوره، ولا أعور به ولا أحول به .. كل هذا ممتنع مباشرة، وإنما يؤتى بواسطة.