والمضاف إلى ما فيه الألف والَّلام: سَاءَ غُلام القوم زيدٌ، الإعراب نفسه، والمُضْمَر المُفَسَّر بنكرة بعده: سَاءَ رجلاً زيدٌ (سَاءَ) فعلٌ ماضي لإنشاء الذَّمِّ، والفاعل ضميرٌ مستتر وجوباً، و (رَجلاً) منصوبٌ على التمييز، و (زيدٌ) هذا المخصوص بالذَّمِّ وهو مبتدأ، والجملة قَبْلَه خبر، ومنه قوله تعالى: ((سَاءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا)) الأعراف:١٧٧.
ويُذكَر بعدها المخصوص بالذَّمِّ كما يُذْكَر بعد (بئس) وإعرابه كما تَقدَّم: ((سَاءَتْ مُرْتَفَقاً)) الكهف:٢٩ .. ((سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)) الأنعام:١٣٦ القول فيه: (مَا) هنا مُميِّزٌ، وقيل: فاعل، والصواب أنها مُميِّز.
وأشار بقوله: (وَاجَعَلْ فَعُلاَ) إلى أنَّ كُلَّ فعلٍ ثلاثي يجوز أن يُبنَى منه فِعْلٌ على (فَعُلَ) لقصد المدح أو الذَّم، كل فعل ثلاثي سواءٌ كان من باب (فَعَلَ) أو (فَعِلَ)، وإمَّا ما كان من باب (فَعُلَ) لا إشكال فيه، لكن يُشتَرط – وهذا لم يَتعرَّض له الناظم – أنَّه مما استكمل شروط المتَعجَب منه. أن يكون الفعل صالحاً لأن يُتعجَب منه، فكل الشروط السابقة تُنَزَّل على هذا الباب، لأن (فَعُلَ) هنا فيه معنى التَّعجُب، ولذلك قال بعضهم: إنما يُصاغ (فَعُلَ) من الثلاثي لقصد المدح أو الذَّمِّ بشرط أن يكون صالحاً للتَّعجُب منه، بأن يستوفي شروطه السابقة مُضمَّناً معناه .. أن يستوفي الشروط الثمانية السابقة، فإن كان كذلك صَحَّ وإلا فلا.
أشار بذلك: إلى أنَّ كل فِعْلٍ ثلاثي يجوز أن يبنى منه فِعْلٌ على (فَعُلَ) لقصد المدح أو الذَّمِّ، ويُعامل مُعَامَلة (نِعْمَ وبِئْسَ) في جميع ما تَقَدَّم لهما من الأحكام، لذلك قال (مُسْجَلاَ) مُطلقاً، سيأتي بعض الاستثناء، فتقول: شَرُفَ الرَّجُل زيدٌ (شَرُفَ) فعل ماضي لإنشاء المدح مثل (نِعْمَ) تُعرِبُها هكذا، ثُمَّ أتِم الباقي، و (الرَّجُل) فاعل و (زيدٌ) مخصوصٌ بالمدح، وهو مبتدأ والجملة قبله خبرٌ.
لَؤُمَ الرَّجُل بكرٌ .. لؤم هذا، فيه ذَمٌّ، إذن: فِعْلٌ ماضي لإنشاء الذَّمِّ و (الرَّجُل) فاعل و (بَكرٌ) هذا المخصوص بالذَّم، وشَرُفَ غلام الرَّجُل زيدٌ، وشَرُفَ رجلاً زيدٌ، قيل: منه (سَاءَ) (سَاءَ) أصلها: سَوَأَ، تَحرَّكت الواو وانفتح ما قَبلَها فقُلبِت ألفاً فصارت (سَاءَ) ثُمَّ نُقِلَ إلى باب (فَعُلَ).
حينئذٍ يكون قوله: (وَاجْعَلْ كَبِئْسَ سَاءَ وَاجَعَلْ فَعُلاَ) من باب عطف العام على الخاص، لأن (سَاءَ) هذه بمعنى: سَوُأَ، يعني: من باب (فَعَلَ) نُقِلَ إلى (فَعُلَ). قيل: من هذا النوع (سَاءَ) فإنَّ أصله: سَوَأ بالفتح، فحُوِّل إلى (فَعُلَ) بالضَّمِّ فصار قاصراً، ثُمَّ ضُمِّنَ معنى (بِئْسَ) فصار جامداً قاصراً محكوماً عليه بما سبق من أحكام، وإنما أفَرَده الناظم هنا بالذِّكْر لخفاء التحويل فيه بسبب الإعلال – ما يَظْهَر – (سَاءَ) لا يظهر أنه من باب (فَعُلَ) لأنه مُعَلّ.