إذاً: برجلٍ قائمةٍٍ أمه نقول: ألزم الإفراد والتأنيث إنما أنث باعتبار ما بعده لا باعتبار ما قبله، وتقول: مررتُ برجلين قائمٍ أبواهما، برجلينِ هذا جار ومجرور متعلق بقوله: مر، وهو مثنى منعوت، برجلينِ قائمٍ نعت، طابقه هنا في الإفراد والتثنية؟ لا. لم يطابقه، لماذا؟ لكونه سببياً، وإذا كان سببياً يلزم حالة واحدة وهي الإفراد؛ لأن الفعل إذا كان فاعله مثنى لزم الإفراد في اللغة الفصحى، فتقول: مررتُ برجلينِ قائمٍ –بالإفراد- أبواهما، كما تقول: قام أبواهما، ومن قال: قاما أبواهما على لغة أكلوني البراغيث، حينئذٍ يقول: مررت برجلين قائمينِ أبواهما، كما يقول هو في لغته: قاما أبواهما، فيصح مراعاة الفعل باعتبار التثنية هنا لا باعتبار المنعوت، فإذا قيل: مررتُ برجلينِ قائمينِ أبواهما، قائمينِ على لغة أكلوني البراغيث، لا تقل هنا: طابق النعت المنعوت! لا. وإنما تقول: نظر إلى الفعل وفي لغتهم يجوز إلحاق علامة تثنية إذا كان الفاعل مثنى، فجُوِّز لا باعتبار ما قبله، وتقول: مررتُ برجالٍ قائمٍ آباؤهم، مررت برجالٍ هذا منعوت وهو جمع، قائمٍ نعت واحد مفرد، آباؤهم.
إذاً أفرد مع كون المنعوت جمعاً، باعتبار كونه في مقام الفعل، والفعل إذا كان فاعله جمعاً حينئذٍ على اللغة الفصحى يفرد، وعلى لغة أكلوني البراغيث مررتُ برجالٍ قائمينَ آباؤهم، يجوز على لغة أكلوني البراغيث، ومن قال: قاموا آباؤهم قال: قائمين آباؤهم، وأجاز الجميع .. النحاة أن تجمع الصفة جمع تكسير إذا كان الاسم المرفوع جمعاً، فتقول: مررتُ برجالٍ قيامٍ آباؤهم، وبرجلٍ قعودٍ غلمانه، ورأوا ذلك أحسن من الإفراد الذي هو أحسن من جمع التصحيح.
يعني إذا جُمع على لغة أكلوني البراغيث، حينئذٍ جمعه جمع تكسير أفصح، ثم الإفراد، ثم جمع التصحيح. على هذه المراتب الثلاث.
(فَاقْفُ مَا قَفَوْا) يعني اتبع ما اتبعوه وهو ما ذكرناه سابقاً.
قال ابن عقيل: فالحاصل أن النعت إذا رفع ضميراً -يعني: مستتراً- طابق المنعوت في أربعة من عشرة ما لم يمنع مانع كـ: إذا كان على وزن فعيل، كصبور وجريح و؟؟؟، فلا يؤنث ولو كان منصوبه مؤنث، وأفعل التفضيل هذا سبق معنا الاستثناء، مجرد من أل والإضافة، أو المضاف إلى النكرة؛ لأنه لا يثنى ولا يجمع ولو كان المنعوت مثنى أو مجموعاً.
وواحد من ألقاب الإعراب وهو الرفع والنصب والجر، وواحد من التعريف والتنكير، وواحد من التذكير والتأنيث، وواحد من الإفراد والتثنية والجمع.
هذا في النعت الحقيقي يتبعه في أربعة من عشرة.
وإذا رفع ظاهراً طابقه في اثنين من خمسة واحد من ألقاب الإعراب، وواحد من التعريف والتنكير.
وأما الخمسة الباقية وهي: التذكير، والتأنيث. فهذا باعتبار الاسم المرفوع، وأما الإفراد والتثنية والجمع. فيلزم حالة واحدة وهي الإفراد؛ لأنه في مقام الفعل.
فحكمه فيها حكم الفعل إذا رفع ظاهراً، فإن أسند إلى مؤنث أنث وإن كان المنعوت مذكراً. ولذلك جاء ((رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا)) النساء:٧٥ الظالمِ هذا نعت، والقرية منعوت، ولم يحصل التطابق باعتبار ما بعده ((الظَّالِمِ أَهْلُهَا)) النساء:٧٥.