إذاً قوله: (أَتْبِعْ) المراد به جواز الإتباع لا أنه واجب؛ لأنه نقل عدم الإتباع، مطلقاً بغير استثناء، هنا قال: (بِغَيْرِ اسْتِثْنَا) ما مراده بغير استثناء؟ فسر بثلاثة أقوال .. بغير استثناء؛ لأنه متعلق بقوله: (أَتْبِعْ) مطلقاً (بِغَيْرِ اسْتِثْنَا) مراده: بغير استثناء قصره للضرورة، أي: سواء كان المتبوعان مرفوعي فعل أو خبري مبتدأين، أو منصوبين أو مخفوضين مطلقاً كله منعوت، لا يستثنى شيء من هذه؛ لأن بعضهم استثنى إذا كان خبري مبتدأ، وبعضهم استثنى إذا كان مرفوعي فعل، والصواب أنه مطلقاً، فالمنعوت يكون مطلقاً، إذاً بِغَيْرِ اسْتِثْنَا أي: سواء كان المتبوعان مرفوعي فعل أو خبري مبتدأين أو منصوبين أو مخفوضين.
وقيل: يحتمل قوله (بِغَيْرِ اسْتِثْنَا) أن الإتباع سائغ فيما ذكر بغير استثناء، يشير إلى قول من يمنع الإتباع وإن اتفقا في المعنى وهو قول ابن السراج ويحتمل أنه يريد بغير استثناء في الرفع والنصب والجر وبه جزم ابن الناظم، على أن مراده بِغَيْرِ اسْتِثْنَا سواء كان مرفوعاً أو مخفوضاً أو منصوباً، وكلها متداخلة هذه خاصة القولان الأخيران متداخلان.
وَنَعْتَ مَعْمُولَيْ وَحِيدَيْ مَعنْىَ ... وَعَمَلٍ أَتْبِعْ بِغَيْرِ اسْتِثْنَا
قال الشارح: إذا نعت معمولان لعاملين متحدي المعنى والعمل أُتبع النعت المنعوت رفعاً ونصباً وجراً نحو -فيما اتحدا معنى لا لفظاً-: ذهب زيد وانطلق عمرو العاقلان، العاقلان هذا نعت منعوته زيد وعمرو، فهما معمولان لفعلين متحدي في المعنى والعمل، كل منهما رفع فاعلاً.
وحدثت زيداً وكلمت عمراً الكريمين، الكريمين نعت، منعوته زيداً وعمراً اتفقا، لعاملين حدثتُ وكلمتُ، اختلفا في اللفظ واتفقا في المعنى، والعمل كذلك؛ لأن كلاً منهما نصب، والكريمين نعت للمنصوبين.
ومررت بزيدٍ وجزت على عمروٍ الصالحين، الصالحين نعت، لماذا؟ زيد وعمرو معمولان للباء وعلى، إذاً نقول هنا: أَتْبِعْ يجوز الإتباع.
(وَنَعْتَ مَعْمُولَيْ وَحِيدَيْ مَعنْىَ وَعَمَلٍ أَتْبِعْ) إذا اختلف معنى العاملين لا يجوز الإتباع، يجب القطع.
إذا اختلف معنى العاملين لم يجز الإتباع وتحته ثلاث صور .. اختلاف المعنى. إذا اختلف معنى العاملين لم يجز الإتباع وفيه ثلاث صور: الأولى: أن يختلفا في المعنى واللفظ، اختلفا مطلقاً، اختلاف كلي من كل وجه معنى ولفظاً نحو: ذهب زيد وهذا عمروٌ العاقلان أو العاقلين يجوز الوجهان، على القطع العاقلان خبر مبتدأ محذوف، والعاقلين مفعول به.
إذاً: ذهب زيد وهذا عمروٌ العاقلان، هنا اختلفا في المعنى، ذهب هذا فعل، وهذا هذا اسم، إذاً اختلفا في الجنس، هذا من جنس الفعل وهذا من جنس الاسم، إذاً لا يمكن أن يكون ما بعدهما تابعاً لهما.
إذاً: زيد وعمروٌ نقول: العاقلان نعت لهما، هذا في الأصل، لكن لما اختلف العاملان في المعنى وجب القطع، فالعاقلان بالألف على أنه خبر لمبتدأ محذوف، ويجوز النصب، فتقول: ذهب زيد وهذا عمروٌ العاقلين .. أعني العاقلين.