عطف البيان في ذلك مثل النعت الحقيقي، عطف البيان في موافقة متبوعه في أربعة من عشرة مثله، فيشترط في النعت: أن يكون مطابقاً لمنعوته إفراداً وتثنيةً وجمعاً وتنكيراً وتعريفاً وتذكيراً وتأنيثاً، هذا يشترط في النعت الحقيقي، مثله عطف البيان بإجماع، إلا مسائل خفيفة وقع فيها نزاع. أن يكون عطف البيان موافقاً لمتبوعه المُبَيَّن في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث والتعريف والتنكير.
فَأَوْلِيَنْهُ مِنْ وِفَاقِ الأَوَّلِ ... مَا مِنْ وِفَاقِ الأَوَّلِ النَّعْتُ وَلِي
أَعرِبُوا: (فَأَوْلِيَنْهُ) الفاء هذه للتفريع، لأنه قال: (شِبْهُ الصِّفَةْ) أشبه الصفة، لمَّا أشبه الصفة أخذ حكمه، لما أشبه الصفة في كونه موضحاً في المعارف مخصصاً في النكرات أخذ حكمه.
(فَأَوْلِيَنْهُ) إذاً: الفاء للتفريع، أَوْلِ بمعنى: أعط، أولِ: فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت، (أَوْلِيَنْهُ) النون هذه فاعل .. توكيد أو فاعل؟ لماذا لا نقول فاعل؟ نريد أن نفحص، لماذا لا نقول: أَوْلِيَنْهُ، النون هنا فاعل؟ متى تكون النون فاعل؟ .. نون الإناث، وهل هذا الموضع منه؟ الجواب: لا، (فَأَوْلِيَنْهُ) إذاً النون هذه نون التوكيد الخفيفة، إذاً: فعل الأمر هنا مبني أو معرب؟ مبني، على ماذا؟ أصله: أولى كأعطى، إذا قلت: أعطينه، مبني على الفتحة، ترجع المحذوف .. هذا سيأتي: اخشين، حينئذٍ المحذوف يرجع، وهو الذي حذف من أجل البناء هنا.
(أَوْلِيَنْهُ) الياء هذه هي الألف في "أولى" رجعت على أصلها، (فَأَوْلِيَنْهُ)، والضمير المتصل هنا؟ مفعول به أوَّل لـ أَوْلِ، أين مفعوله الثاني؟ الاسم الموصول (مَا)، أَوْلِيَنْهُ، يعني: أعطينه، (مَا) اسم موصول بمعنى الذي، (مِنْ وِفَاق الأَوَّلِ)، مِنْ وِفَاق: جار ومجرور متعلق بقوله: أَوْلِ، (وِفَاقِ) مضاف والأَوَّلِ مضاف إليه، مَا: اسم موصول بمعنى الذي في محل نصب مفعول ثاني لـ أَوْلِ.
(مِنْ وِفَاقِ الأَوَّلِ النَّعْتُ وَلِي) النعت: مبتدأ، وولي .. وليَ: هذا فعل ماضي، والضمير العائد على (ما) محذوف، ما وليه .. ما النعت وليه، لأن جملة "النعت ولي": هذه لا محل لها من الإعراب صلة الموصول مَا؛ كأنه قال: ما النعت وليه من وفاق الأوَّل، فـ مِنْ وِفَاقِ الثانية متعلق بقوله: وَلِي، أي: وليه، والضمير المستتر في ولي عائدٌ على النعت، وتقدير البيت: فأولينه من وفاق الأوَّلِ الذي النعت وليه من وفاق الأوَّلِ هذا البيت فيه ركة.
(مِنْ وِفَاقِ) المراد بالوفاق الموافقة، والأول المراد به المتبوع، يعني: فأعطينه، الضمير يعود على عطف البيان، فأعطينه: أعط عطف البيان من موافقة الأول المتبوع ما أعطيته النعت الحقيقي من موافقته للأول، وذاك أربعة من عشرة.
لما كان عطف البيان مشبهاً للصفة لزم فيه موافقة المتبوع كالنعت، فيوافقه في إعرابه وتعريفه أو تنكيره، وتَذْكِيره أو تأنيثه، وإفراده أو تثنيته أو جمعه، حينئذٍ لا بد أن يكون موافقاً لما سبق.
وقوله: (النَّعْتُ) هنا وإن أطلقه إلا أن مراده النعت الحقيقي، لأنه هو الذي دخل في قوله: (شِبْهُ الصِّفَةْ).