من كل منادًى أتبع بما فيه (أل) فإنه لا يجوز لك أن تقول: يا الحارث فتنادي ما فيه (أل)، ونحو كذلك: يا أيها الرجل زيدٌ، فالرجل نعت لأي، وزيد عطف بيان عليه، ولا يصح أن تقول: يا أيها زيد، فيُعرَب عطف بيان ولا يجوز أن يُعرب بدل.
فيجوز أن يُعرَب عطف بيان ولا يجوز أن يُعرب بدل لأنك تقول: يا أيها الرجل، الرجل نعت لأي، وزيد: هذا عطف بيان، حينئذٍ لا يصح أن يكون بدل كل من كل.
ومنه: يا زيد هذا، كذلك يُعرب هذا: عطف بيان، ولا يجوز أن يُعرب بدل كل من كل، لماذا؟ لأنه كما سيأتي أن هذا إذا وقع منادًى لا بد من وصفه بمحلًى بـ (أل) وهنا لم يحل بـ (أل) لم يوصف، يا زيدُ هذا هكذا، نقول: هذا عطف بيان، ولا يجوز أن يُعرب بدل كل من كل، لماذا؟ لأنه إذا قيل: يا هذا لم يُنعت بما فيه (أل) وهذا ممتنع.
ومنه: زيدٌ أفضل الناس الرجال والنساء، زيدٌ: مبتدأ، أفضلُ: خبر، الناسِ: مضاف إليه، الرجالِ والنساءِ، أفعل التفضيل إذا أُضِيف صار بعضاً من المضاف إليه، إذا قيل: زيدٌ أفضل الناس الرجالِ، نقول: هذا عطف بيان، ولا يجوز أن يُعرب بدل، لماذا؟ لأنك إذا أعربته بدل صار زيدٌ أفضل بعض الرجال وبعض النساء، هذا المعنى فاسد أو صحيح؟ فاسد، لماذا؟ لأنه بإعادة العامل أفضل الناس، العامل في الناس ما هو؟ أفضل، فإذا أعربته بدل حينئذٍ أفضل الرجال يعني: بعض الرجال والنساء معطوفٌ عليه، فصار أفضل بعض النساء، وهذا فاسد المعنى.
إذَاً القاعدة العامة: أنه متى ما صح إحلال العطف .. عطف البيان محل سابقه جاز أن يُعرب بدل كل من كل.
قال الشارح هنا: كل ما جاز أن يكون عطف بيان جاز أن يكون بدلاً -من غير عكس-، نحو: ضربت أبا عبد الله زيداً، زيداً: عطف بيان، وبدل كل من كل، واستثنى المصنف من ذلك مسألتين تتعيَّن فيهما كون التابع عطف بيان:
الأولى: أن يكون التابع مفرداً معرفةً معرباً، والمتبوع منادًى، نحو: (يَا غُلاَمُ يعْمُرَا) فيتعيَّن أن يكون يعمُرَا عطف بيان، ولا يجوز أن يكون بدلاً، لأن البدل على نية تكرار العامل، فكان يجب بناء يعْمُرَا على الضم، لأنه لو لفظ بياء معه لكان كذلك، إذاً: المثال بالنصب، أمَّا لو رفعه بالضم لا إشكال فيه يجوز.
الثانية: أن يكون التابع خالياً من (أل) والمتبوع بـ (أل) فقد أضيفت إليه صفةٌ بـ (أل) نحو: أنا الضارب الرجل زيدٍ، فيتعين كون زيد عطف بيان ولا يجوز كونه بدلاً من الرجل، لأن البدل على نية تكرار، وسبق أن ثَمَّ خلاف في هذا، هل يصح أن يعطف أصلاً مما لا يصلح أن يكون مضافاً إليه أو لا؟ سبق معنا هذا: أنه يُغتَفر في التوابع .. في الثواني ما لا يُغتَفر في الأصول. ولا يجوز كونه بدلاً من الرجل، لأن البدل على نية تكرار العامل، فيلزم أن يكون التقدير: أنا الضارب زيدٍ، ولا يجوز ذلك، لما عرفت في باب الإضافة من أن الصفة إذا كانت بـ (أل) لا تضاف إلا إلى ما فيه (أل) أو ما أضيف إلى ما فيه (أل).