(وَ"أَمْ" بِهَا اعْطِفْ إِثْرَ هَمْزِ التَّسْوِيَهْ)، همز التسوية هي الهمزة الداخلة على جملةٍ في محل المصدر، يعني: ما بعدها يكون مصدراً، وسبق معنا: أن همز التسوية بعضهم يرى أنها من حروف المصدرية، يعني: تؤول مع ما بعدها بمصدر، وإن كان المشهور عند النحاة خلاف ذلك، حينئذٍ: ((سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ)) البقرة:٦ الهمزة هنا همز التسوية، دخلت على فعل .. جملة فعلية، حينئذٍ تؤول مع ما بعدها بمصدرٍ عند بعضهم، فيجعلون مثل (أن) المصدرية و (ما) المصدرية و (لو) و (كي)، فهي حرفٌ مصدري، حينئذٍ تصير الحروف المصدرية ستة، مع ما سبق خمسة وهذه السادسة، لكن أكثر النحاة على المنع.
وجعلوا ما بعدها في قوة المصدر، يعني: يؤول بمصدر، وهذا من الغرائب! ((سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ)) البقرة:٦ يعني: مستوٍ عليهم إنذارك وعدمه، من أين جئنا بإنذارك؟ قالوا: جُعل ما بعدها همزة التسوية مصدر، فهي داخلةٌ على جملة في محل المصدر، ولكنها لا تؤول مع ما بعدها بمصدر، من أين جئنا بالمصدر؟ لا بُدَّ من حرفٍ ينسبك مع ما بعده فيؤول بالمصدر، قالوا: لا، وإنما دخلت على جملةٍ في محل المصدر.
إذاً (هَمْزُ التَّسْوِيَهْ) هي الهمزة الداخلة على جملةٍ في محل المصدر، يعني: ما بعد الهمزة في محل المصدر، وليست الهمزة حرفاً مصدرياً تؤول مع ما بعده بمصدر، هذا على قول الجمهور، ومن رأى أنها مصدرية أولها ما بعدها بمصدر، مثل: (أن) و (ما) المصدرية.
وتكون هي والمعطوفة عليها فعليتين وهو الأكثر، نحو قوله تعالى: ((سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ)) البقرة:٦ يعني: تكون (أمْ) والمعطوف عليها جملتان فعليتان، ((سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ)) البقرة:٦ أمْ: هنا الشاهد، أأنذرتهم: هذه سابقة على (أمْ) ((أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ)) البقرة:٦ هذه لاحقة، إذاً: وقعت (أمْ) بين جملتين فعليتين، الأولى: أنذرتهم، والثانية: أم لم تنذرهم، وقعت (أمْ) بينهما.
والجملة الأولى دخلت عليها همزة التسوية: أأنذرتهم، الهمزة الأولى همزة التسوية، إذاً: (أمْ) مسبوقة بهمزة التسوية، ودخلت على جملةٍ فعلية، وجاء بعد (أمْ) جملة فعلية، هذا صورة لـ (أمْ) المُتَّصِلة.
أن تكون هي والمعطوفة عليها فعليتين وهو الأكثر، كالآية التي ذكرناها.
واسميتين، نحو: (أَموتيَ ناءٍ أَمْ هوَ الآنَ واقعُ) إذاً (أمْ) المُتَّصِلة وقعت بين جملتين، أموتي ناءٍ: بعيد، جملة اسمية مؤلفة من مبتدأ وخبر، أم هو الآن واقع .. هو واقع، إذاً: وقعت بين جملتين اسميتين، ودخلت همزة التسوية على الجملة الأولى: أموتي، إذاً: (أَموتيَ ناءٍ أَم هوَ الآنَ واقعُ) (أمْ) المُتَّصِلة وقعت بين جملتين اسميتين، والجملة الأولى دخلت عليها همزة التسوية.