(وَزَجَّجْنَ الحَوَاجِبَ والعُيُونا)، (زَجَّجْنَ الحَوَاجِبَ) هذا فعل، وفاعل، ومفعول به، والعُيُونا: الواو حرف عطف، والعُيُونا الأصل: معطوف على الحَوَاجِبَ، متى تُقدِّر العامل وتجعل الواو عطفت عاملاً محذوفاً؟ إذا كان ثَمَّ وهمٌ أو لبسٌ، أو لا يُمكن الجمع مع العامل السابق، حينئذٍ لا بُدَّ من التقدير، (زَجَّجن الحَوَاجِبَ) يعني: أخذن من الحواجب .. نمص، والعيون: العيون ما تزجج، إذاً: نُقدِّر له عامل يناسبه: وكحلن العيون، العيون تُكْحل.
إذاً: (وَزَجَّجن الحَوَاجِبَ وَالعُيُونا)، إذاً: العيون هذا عامل لمعمولٍ حُذِفَ بعد الواو، عطفته الواو وبقي معموله، لماذا قدرنا هذا والأصل عدم التقدير؟ (دَفْعَاً لِوَهْم اتُّقِي)، ما هو هذا الوهم؟ أن يكون العيون معطوفا على الحواجب هذا ممتنع، وأن يكون: ماءً، معطوفاً على علفت هذا ممتنع، إذاً: لا بُدَّ من التقدير.
(وهْيَ انْفَردَتْ) أي: الواو، (بعَطْفِ عَامِلٍ مُزَالٍ) أي: محذوف، (قَدْ بَقِي مَعْمُولُهُ) مرفوعاً كان، أو منصوباً، أو مجروراً مُطلقاً؛ لأنه أطلق قال: (قَدْ بَقِي مَعْمُولُهُ) فالعامل حينئذٍ يحتمل أن يكون فعلاً، وأن يكون حرفاً، أو اسماً مضافاً، وسبق هذا بيانه في باب الإضافة.
مثلوا للمرفوع بقوله: ((اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ)) البقرة:٣٥ بناءً على أنه ليس معطوفاً على الضمير ((اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ)) البقرة:٣٥ أي: وليسكن زوجك:
والشَّأنُ لاَ يُعتَرَض المِثَالُ ... إذْ قَدْ كَفَى الفَرْضُ والاِحتِمَال
أو منصوباً نحو قوله تعالى: ((وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ)) الحشر:٩ التبوء: المنزل، والإيمان لا يتبوأ .. هذا الأصل، إذاً: ((وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ)) الحشر:٩ وألفوا الإيمان، الإيمان: هذا مفعولٌ به لفعلٍ محذوف عامل: عطفته الواو على ما قبله: ألفوا الإيمان.
أو مجروراً نحو: مَا كُلُّ بَيْضَاءَ شَحْمَةً وَلاَ سَوْدَاءَ تمْرَةً، أي: ولا كل سوداء، ما كل بيضاء شحمة، ولا سوداء تمرة، سوداء هذا نقول: معمول لعامل محذوف تقديره: كل.
إذاً: (دَفْعَاً لِوَهْمٍ اتُّقِي) أي: حُذِرَ، وهو: أنه يلزم في المثال الأول: ((اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ)) البقرة:٣٥ رفع الأمر للاسم الظاهر، لو لم نُقَدِّم أن يكون الأمر قد رفع الاسم الظاهر، وهذا مُغتَفَر لأنه في الثواني، لكن كمثال: ((اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ)) البقرة:٣٥ قالوا: زوجُ: هذا مرفوع بعامل محذوف مُزَال .. قد حُذِفَ، وبقي معموله وهو فاعل، ليس معطوفاً على الضمير المستتر، وإن كان الأولى جعله على الضمير المستتر، لكن هذا وجه آخر .. يَحتمل.
((اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ)) البقرة:٣٥ أي: وليسكن زوجك، زوجك: هذا فاعل لفعلٍ محذوف، والواو هنا عطفت عاملاً مُزَالاً قد بقي معموله.
وفي الثاني: كون الإيمان متبوأ وإنما يُتَبَوأُ المنزل: ((وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ)) الحشر:٩ الدار: شيء محسوس، والإيمان: ما يُتَبَوأ، وألفوا الإيمان.