إذاً: هو تابعٌ له في التعريف والتنكير، والبدل لا يشترط، قلنا: يُبْدَل النكرة من المعرفة والعكس، المعرفة من المعرفة والنكرة من النكرة، والمعرفة من النكرة، والنكرة من المعرفة، إذاً: لا يُشْتَرطُ فيه.
الثالث: أنه لا يكون جملة، يعني: عطف البيان لا يكون جملةً، بخلاف البدل: فإنه يجوز فيه ذلك: (وَيُبْدَلُ الفِعْلُ مِنَ الفِعْلِ) كما سبق، وقلنا: تُبْدَلُ الجملة من الجملة: ((أَمَدَّكُمْ)) الشعراء:١٣٢ إلى آخره.
المسألة الرابعة: أنه لا يكون تابعاً لجملةٍ بخلاف البدل.
خامساً: أنه لا يكون فعلاً تابعاً لِفِعْلٍ بخلاف البدل، يعني: عطف البيان لا يكونُ فعلاً.
سادساً: أنه لا يكون بلفظ الأول، بخلاف البدل: فإنه يجوز فيه ذلك بشرطه، وهذا مختلف فيه بين النحاة. أنه يَجوزُ في البدل أن يكون موافقاً للفظ متبوعه لكن بشرطه، وهو: كون الثاني معه زيادة بيانٍ كما في قراءة يعقوب: ((وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلَّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا)) الجاثية:٢٨ بنصبِ الثانية: (كُلَّ أُمَّةٍ). بنصبِ: (كُلَّ) الثانية، فإنه قد اتصل بها سبب الجثو، إذاً: هو بدل .. يُعتَبرُ بدلاً مما سبق.
سابعاً: أنه ليس في نية إحلاله محل الأول بخلاف البدل، يعني: عطف البيان ليس في نية إحلاله محل الأول، ولذلك كان العامل فيه هو عاملٌ مماثلٌ للمذكور، هذا في البدل.
ثامناً: أنه ليس في التقدير من جملةٍ أخرى بخلاف البدل، عَطْفُ البيان جملة واحدة، والبدل: في قوة الجملتين؛ لأن العامل في البدل هو عين العامل في المُبْدَلِ منه من حيث التكرار، يعني: يُقَدَّرُ له مماثل للعامل في المتبوع، إذا قيل: جاء زيدٌ أخوك، أخوك: مرفوع بماذا؟ ليس بـ (جاء) الأول على أنه بدل، وإنما بـ (جاء) مُقَدَّر مماثل للمذكور: جاء زيدٌ .. جاء أخوك، حينئذٍ هو في قوة الجملتين: جاء جاء، جاء زيدٌ .. جاء أخوك.
وأمَّا عطف البيان: فالعامل في: أخوك هو العامل في: زيد، إذاً: فرقٌ بينهما. أنه ليس بالتقدير من جملةٍ أخرى بخلاف البدل، وزِيدَ كون المتبوع في البدل في نية الطَّرَح، قيل: غالباً .. نيةِ الطرح، ما معنى نية الطرح؟ ليسَ المراد: أنه السابق معروضٌ عنه؛ لأننا ذكرنا أن السابق المتبوع مقصود: (التَّابِعُ المَقْصُودُ بِالحُكْمِ) فكيف يكون في نية الطرح؟
قال الزمخشري: " مُرَادُهم يكون البدل في نية طرح الأول أنه مستقلٌ بنفسه لا متممٌ لمتبوعه، كالتأكيد والصفة والبيان لا إهدار الأول، بخلافهِ في البيان ".
حينئذٍ نقول: الطرح المراد به هنا ليس الإلغاء والإعراض عن السابق، وإنما المراد: أن العامل قد كُرِّرَ وصار اللفظ الذي أُعْرِبَ بدلاً .. صار مستقلاً عن سابقه، حينئذٍ كأن الأول قد أُعْرِضَ عنه وليس هو مُعْرَضاً عنه بالفعل، ولذلكَ إذا جاء في مثل: ((صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ* اللَّهِ)) إبراهيم:١ - ٢ حينئذٍ نقول: اللهِ بالخفض: بدل: ((الْعَزِيزِ الْحَمِيد)) إبراهيم:١، هل هو في نية الطرح .. أنه مُلْغَى؟ لا، ليس المراد ذلك، بل لا يجوز أن يقال هنا: أنه في نية الطرح، لماذا؟ إلا إذا كان اصطلاح فقط؛ لأن الثاني المراد به أنه مستقلٌ، وأن العامل فيه مستقلٌ عن الأول.