والثاني: النهي نحو: لا تَضْرِبْ زَيْدَاً فَيَضْرِبَكَ، (يضربك) هذا مرتَّبٌ على ما سبق، فهو مسبَّبٌ على ما سبق، حينئذٍ نقول: (يضربك) فعل مضارع منصوبٌ بـ (أَنْ) مضمرةً واجبة الإضمار بعد فاء السببية لوقوعه في جواب النهي: ((لا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي)) طه:٨١ (يَحِلَّ) فعل مضارع منصوبٌ بـ (أَنْ) مضمرةً واجبة الإضمار بعد فاء السببية لوقوعها في جواب النهي (لا تَطْغَوْا) (لا) ناهية.
((لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْفحِتَكُمْ بِعَذَابٍ)) طه:٦١ (فَيُسْحِتَكُمْ) بالنصب، فعل مضارع منصوب بـ (أَنْ) مضمرة وجوباً بعد فاء السببية لوقوعه في جوبا الطَّلب وهو النهي (لا تَفْتَرُوا).
والدُّعاء نحو: ربِّ انصرني فلا أُخْذَلَ ..
ربِّ وَفِّقْنِي فلا أعْدِلَ عَنْ ... سَنَن السّاعِيْنَ في خَيْر سَنَنْ
(أَعْدِلَ) فعل مضارع منصوبٌ بـ (أَنْ) مضمرةً واجبة الإضمار بعد فاء السببية لوقوعه في جواب الدُّعاء، (وَفِّقْنِي) هذا الفعل دعاء، هو فعل أمر لكن تأدُّباً يُسَمَّى: فعل دعاء.
ومنه: ((رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ)) يونس:٨٨ (فَلا يُؤْمِنُوا) الفاء سببية و (يُؤْمِنُوا) فعل مضارع منصوبٌ بـ (أَنْ) مضمرةً واجبة الإضمار بعد الفاء لوقوعه في جواب الدُّعاء (رَبَّنَا اطْمِسْ) هذا دعاء.
والاستفهام: كقوله تعالى: ((فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا)) الأعراف:٥٣ (يشفعون) حُذِفَت النون هنا: فعل مضارع منصوب بـ (أَنْ) مضمرةً واجبة الإضمار بعد فاء السببية لوقوعه في جواب الاستفهام.
وَشَرَط في (التسهيل) في الاستفهام: ألا يتضمَّن وقوع الفعل أي: في الزمن الماضي .. ألا يدلَّ اللفظ على أنَّ الفعل قد وقع: ((فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا)) الأعراف:٥٣ هل وقع؟ لم يقع، إذاً: لو دلَّ على أنَّه وقع قالوا: لا ينصب.
شَرَطَ في (التسهيل): ألا يتضمَّن وقوع الفعل، أي: في الزمن الماضي احترازاً من نحو: لِمَ ضَربتَ زيداً فَيُجَازِيكْ؟ ولا تقل: (فَيُجَازِيَكَ) .. (فَيُجَازِيكْ) بالرَّفع والضَمَّة مقدَّرة، لم ضربتَ زيداً فَيُجَازِيكْ؟ لأنَّ الضرب قد وقع فلم يُمكن سَبْك مصدرٍ مستقبلٍ منه، وهذا مذهب أبي علي الفارسي، وحكا ابن كيسان: أَيْنَ ذَهَبَ زَيْدٌ فَنَتَّبِعَه؟ بالنَّصب وهو قد وقع: أَيْنَ ذَهَبَ زَيْدٌ؟ يعني: وقع الذهاب (فَنَتَّبِعَه .. فَنَتْبَعَه) بالَّنصب، مع أنَّ الفعل في ذلك مُحقَّق الوقوع.
إذاً: الاستفهام ليس مُطلقاً، هذا المراد، شَرَط ابن مالك: أنَّه يُشترط فيه أن يكون الفعل منصوباً بعد فاء السَّببيَّة الواقعة في جواب الاستفهام إذا لم يقع، فإن وقع حينئذٍ يُرْفع ولا يُنْصَب.
والعرض نحو: ألا تَنْزِلُ عِنْدنا فَتُصِيب مَأْكَلا .. فتصيب خيراً، (فتصيب) فعل مضارع منصوبٌ بـ (أَنْ) مضمرةً واجبة الإضمار بعد فاء السببية الواقعة في جواب العرض وهو (ألا).
يَا ابْنَ الكِرَامِ ألاَ تَدْنُو فَتُبْصِرَ مَا ... قَدْ حَدَّثُوكَ فَمَا رَاءٍ كَمَنْ سَمِعَا