أصله: وفى .. يوفي، الواو وقعت بين عَدُوَّتَيْها مثل: وعد .. يَوْعِد، وقعت الواو بين عَدُوَّتَيْها فوجب حذفها، إذاً: حُذِفت الفاء التي هي واو الكلمة، فقلت: يفي، نَوَّنْتَه، ماذا حصل؟ حذفت الياء، صار: يفٍ، لو وقفت عليه: يَفْ، بالسكون مع حذف الياء ولم تردها، حينئذٍ ماذا يحصل؟ .. وقفت على الكلمة بحرف واحد، وهذا إجحاف بها .. ظلم لها، لا بد من إرجاع اليا.
إذاً: الحالة الثانية: أن يكون محذوف الفاء، وهذا ليس له من الأسماء إلا ما ذكره ابن هشام وغيره، أنه لو سُمِّي رجل بـ: واوي .. واويَّ الفاء .. مضارعه أمَّا: وفى نفسه لا يوجد إشكال، وفى .. يفي، وعى .. يعي، فإنَّك تقول: هذا يفي، وهذا يعي بالإثبات، لأنَّ أصلهما: يَوْفِي وَيَوْعِي، فَحُذِفت فاؤهما، فلو حُذِفت لامهما لكان إجحافاً.
إذاً: يجب إثبات الياء فيما إذا حُذِفت فاء الكلمة، وطبعاً المسألة مفروضة في المنقوص ليست في غيرها، لأنَّه هو الذي تُحْذَف منه الياء للتَّنوين، فإذا قلت: هذا يَفٍ .. هذا يَعٍ، حينئذٍ إذا وقفت عليه تقول: هذا يفي، بإثبات الياء، وهذا يعي، ولا تقل: هذا يَفْ وهذا يَعْ، لأنَّه إيقافٌ بالسكون، حينئذٍ تكون حذفت منه حرفين.
المسألة الثالثة مما يجب إثبات الياء في المنقوص: أن يكون محذوف العين، هذا الذي نصَّ عليه النَّاظم:
نَحْوِ مُرٍ لُزُومُ رَدِّ الْيَا اقْتُفِي ..
أن يكون محذوف العين (نَحْوِ مُرٍ) اسم فاعل من: أرى، إذا وُقِف عليه لزم ردُّ الياء، فتقول: هذا مُرِي، مُرِي وجب ردُّ الياء، ومررت بِمُرِي، وإنَّما لزم فيه ردُّ الياء لكثرة ما حُذِف منه فإنَّه يعني: أصله: مُرْئِيٌ (مُفْعِلٌ)، مُرْئِيٌ لأنَّه من: أرأى، على وزن (مُفْعِل) فَنُقِلت حركة عينه وهي الهمزة إلى الرَّاء وَحُذِفت الهمزة، وَفُعِل بالياء ما فُعِل بياء: قَاضٍ، ونحوه من حذف حركته - للتَّخلُّص من التقاء الساكنين-، وحذفه لالتقائه من التنوين، ولم يبقى من أصول الكلمة إلا الرَّاء، فلو سكَّنوها في الوقف لكان ذلك إجحافاً بها.
إذاً: (مُرٍ) أصله: (مُفْعِلٌ) مُرْيِئٌ، همزة أسقطت حركتها على ما قبلها، صار: مُرِي، دخل التَّنوين حذفت الياء صار: مُرٍ، ليس عندنا إلا الرَّاء، العين حُذِفت وهي الهمزة، لأنَّ أصله: رأى، فالهمزة هي عين الكلمة، حينئذٍ إذا حذفت الياء صار إجحافاً بالكلمة.
إذاً: هذه ثلاث مسائل يجب فيها إثبات الياء في الوقف.
فإن كان مرفوعاً أو مجروراً جاز إثبات يائه وجاز حذفها، ولكن الأرجح في المُنَوَّن: الحذف وهو الذي قدَّمه النَّاظم هنا نحو: هذا قاض، ومررت بقاض.
وقرأ ابن كثير: ((وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادِي)) الرعد:٧ .. ((وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالِي)) الرعد:١١، والأرجح في غير المُنَوَّن: الإثبات كـ: هذا القاضي، ومررت بالقاضي، وكذلك قُرِئ: ((وَهُوَ الْكَبِيرُ الْمُتَعَال)) الرعد:٩ .. ((يَوْمَ التَّلاقِ)) غافر:١٥ كله جائز، هذا أو ذاك، وأنت مُخَيَّر بين هذا وذاك.
إذاً:
وَحَذْفُ يَا الْمَنْقُوصِ ذِي التَّنْوِينِ مَا ... لَمْ يُنْصَبَ اوْلَى مِنْ ثُبُوتِ فَاعْلَمَا