ثُمَّ أشار إلى الموضع السادس والأخير فقال:
(هَمْزُ أَلْ كَذَا) (هَمْزُ) مبتدأ وهو مضاف، و (أَلْ) قصد لفظه مضافٌ إليه، (كَذَا) جار ومجرور مُتعلِّق بمحذوف يعني: مثل (ذا) السَّابق في كون همزته همزة وصلٍ، و (أَلْ) أطلقها النَّاظم حينئذٍ تعم المعُرِّفَة والموصولة والزَّائدة، همزتها همزة وصلٍ وليست بهمزة قطع، على خِلافٍ فيه.
إذاً أشار بقوله: (هَمْزُ أَلْ كَذَا) أي: مثل (ذا) السَّابق أي: أنَّ الهمزة في (أَلْ) همزة وصلٍ كما كانت فيما ذُكِر، وهذا مذهب سيبويه، مذهب سيبويه: أنَّ همزة (أَلْ) همزة وصلٍ وليست بهمزة قطع.
ومذهب الخليل: أنَّها أصلية يعني: همزة قطعٍ، حُذِفت في الوصل لكثرة الاستعمال، إذاً: (هَمْزُ أَلْ كَذَا) على الصحيح وهو مذهب سيبويه، بأنَّ الهمزة هي همزة وصلٍ وضعاً واستعمالاً، وأمَّا على مذهب الخليل فهي همزة قطعٍ وضعاً ووصلٌ استعمالاً، لأنَّها سقطت لكثرة الاستعمال.
ثُمَّ بين حكم همزة (أَلْ) إذا دخل عليها همزة استفهام:
. . . . . . . . . . وَيُبْدَلُ ... مَدّاً فِي الاِستِفْهَامِ أَوْ يُسَهَّلُ
بَيَّن حكم (أَلْ) إذا دخل عليها همزة الاستفهام، وقال (وَيُبْدَلُ) إلى آخره، يعني: أنَّ (أَلْ) إذا دخل عليها همزة الاستفهام جاز فيها -يعني: في الهمزة- وجهان: الإبدال أو التَّسهيل، إبدالها ألفاً من جنس حركة الهمزة التي قبلها، وتسهيلها بين الألف، وقد قُرِئ بهما في قوله: ((آلذَّكَرَيْنِ)) الأنعام:١٤٣.
وَفُهِم منه: أنَّ غير همزة (أَلْ) من همزة الوصل تُحْذَف إذا دخل عليها همزة الاستفهام، لعدم الحاجة إليها نحو: ((أَصْطَفَى الْبَنَاتِ)) الصافات:١٥٣ (اصْطَفَى) هذا خماسي وهمزته همزة وصل، و (أَلْ) همزتها همزة وصل، هنا دخل الاستفهام على ما ليس مُتَّصلاً بـ (أَلْ)، حينئذٍ حُذِفت قولاً واحداً.
هنا: (أَصْطَفَى) أصله: (اصْطَفَى) أين همزة الوصل؟ نقول: حُذِفت قولاً واحداً؛ لدخوله على غير همزة (أَلْ) لأنَّ الأصل: أنَّها تُحْذَف كما سبق، لأنَّها صارت في دَرْج الكلام، لأنَّ همزة الاستفهام مُحَرَّكة، حينئذٍ إذا تَقدَّمت على همزة الوصل صارت همزة الوصل في دَرْج الكلام .. سقطت، إلا همزة (أَلْ) فلك أحد الوجهين: إمَّا إبدالها، وإمَّا تسهيلها، أمَّا غيرها فَتُحْذَف قولاً واحداً.
((أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ)) وإنَّما لم تُحْذَف همزة (أَلْ) إذا دخل عليها همزة الاستفهام وكان القياس حذفها -لِمَا ذكرناه-، لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر لاشتراك الهمزتين في الفتحة.
على كُلٍّ؛ هذا هو المسموع: أنَّه إذا دخلت همزة الاستفهام على (أَلْ) فتبقى همزة (أَلْ) .. تبقى ولا تُحْذَف، هذا استثناءٌ من القياس، والأصل في القياس: أنَّ همزة الوصل تسقط في دَرْج الكلام، وإذا ابتدئ بِمتحرِّك وهو همزة استفهامٍ حينئذٍ قلنا الأصل: سقوط همزة الاستفهام، ولكن تبقى على أصلها.