الإعلال بالإسكان: أن يُسْكَن الحرف من أجل أن يدغم في غيره، وهذا سيأتي مثاله، كذلك بالحذف والقلب، وهذه كلها ستأتي معنا في هذا الفصل.
وأمَّا الإبدال: فهو جعل مطلق حرفٍ مكان حرفٍ آخر، فخرج بالإطلاق: الإعلال بالقلب لاختصاصه بحروف العِلَّة، كما ذكرناه، فَكُلُّ إعلالٍ يُقَال له: إبدالٌ ولا عكس، إذ يجتمعان في نحو: قال ورمى، (قال) أصله: قَوَلَ، هذا اجتمع فيه الإبدال والإعلال، لماذا؟ لكون مُتَعلَّقه حرف عِلَّة، ثُمَّ حصل إبدالٌ. ز حرفٌ بحرف، الواو صارت ألفاً: قَوَلَ، تَحرَّكت الواو وانفتح ما قبلها فوجب قلبها ألفاً، هذا إبدالٌ وإعلالٌ، ما نوع الإعلال هنا؟ إعلالٌ بالقلب، قلنا: الإعلال أربعة أنواع: إعلالٌ بالقلب، وإعلالٌ بالإسكان، وإعلالٌ بالحذف، وهذا داخلٌ بالقلب، بقي النقل ذكرناه سابقاً.
إذاً: (قال) اجتمع فيه الإبدال والإعلال بالقلب، إبدال: أُبْدِل حرفٌ مكان حرف، والإبدال لا يَختصُّ بحروف العِلَّة، ثُمَّ هذا لكونه حرف عِلَّة، لأنَّ الألف حرف عِلَّة وَأُبْدِل عن الواو .. واو إلى ألف، إذاً: كُلٌّ منهما حرف عِلَّة، لكون التَّغيير هنا حصل في حرفٍ خاص وهو حرف العِلَّة سُمِّي إعلالاً، إذاً: اجتمع مع الإبدال.
وينفرد الإبدال في نحو: اصطبر، على وزن (افْتَعَل) اصطبر افْتَعَل، هنا قُلِبت التاء صاد، هل هو من حروف العِلَّة؟ ليس من حروف العِلَّة، إذاً لا يُسَمَّى: إعلالاً، وإنَّما يُسَمَّى: إبدالاً، لماذا؟ لكون مُتَعلَّقه غير حرف العِلَّة.
(قال) و (رمى) (قال) .. (قَوَلَ) .. (رمى) (رمَيَ) حصل القلب والإعلال هنا لحرف عِلَّة، تَحرَّكت الواو وانفتح ما قبلها فوجب قلبها ألفاً، إذاً: قُلِبت الواو إلى الألف، هذا يسمَّى: إبدال، ثُمَّ لكونه حرف عِلَّة إلى حرف عِلَّة، اجتمع معه الإعلال .. إعلالٌ بالقلب، كذلك: رمى، أصله: رمَيَ، تَحرَّكت اليَّاء وانفتح ما قبلها فوجب قلبها ألفاً، حينئذٍ نقول: هذا إبدالٌ .. أُبْدِل حرفٌ بحرف، كان ياءً ثُمَّ صار ألفاً، ولكونه حرف عِلَّة نقول: هذا إعلال، إذاً: اجتمعا.
أمَّا: اصْطَبَرَ وَادَّكَرَ، نقول: هذا على وزن (افْتَعَلَ) قُلِبت التاء هنا .. (افْتَعَلَ) (اصْتَبَرَ) هذا الأصل، قُلِبت التاء صاداً، الصَّاد ليست من حروف العِلَّة، نقول: هذا إبدالٌ ولا يُسمَّى: إعلالاً، لكون الصاد ليست من حروف العِلَّة ومثلها: ادَّكَرَ، وسيأتي بحث هذا: اصطبر وادَّكَرَ، في فصلٍ خاص.
وخرج بالمكان العِوَض، فقد يكون في غير مكان المُعَوَّض منه كتاء: عِدَة، وهمزة: ابن واسم، كما ذكرناه، وقال الأشْمُونِي: " قد يُطْلَق الإبدال على ما يَعُمُّ القلب " وهذا الذي عناه النَّاظم هنا: الإبدال أعَمُّ من القلب، إلا أنَّ الإبدال إزالة، والقلب إحالة، وهذه دعوى كما قال الصَّبَّان تحتاج إلى دليل، والإحالة لا تكون إلا بين الأشياء المتماثلة، ومن ثَمَّ اختص بحروف العِلَّة والهمزة لأنها تقاربها في كثرة التغيير.
إذاً: الإبدال أعمُّ من القلب، وهو الذي عناه النَّاظم رحمه الله.
(الإبْدَالُ) إذاً: ضَمَّن هذا الباب أربعة أحكام من التَّصريف: الإبدال بالمعنى الخاص، والقلب، والنَّقل، والحذف.