بتَا فَعَلْتَ، فعلتُ تضم أصلاً في تاء الفاعل، لكنها قد تضم تاء المخاطب إذا أسند إلى حرف تثنية أو حرف جمع، ويجوز ضم الميم موصولة بواو بل هو أكثر من التسكين إذا ولي الميم ضمير متصل كضربتموه وشذ ضمها بلا وصل، وبنون مشددة للمخاطبات: ضربتهن، وأما الهاء فتضم ضربتُهُ، وقد تكسر سليهِ، تضم الهاء إلا إن وليت كسرة أو ياء ساكنة فيكسرها غير الحجازيين، غير الحجازيين يكسرونها، عليهِ عليهُ، الحجازيون يبقونها كما هي على أصلها؛ لأنها الأصل فيها أنها مضمومة قيل: هي جزء هو، عليهُ، ولذلك جاءت القراءة: ((وَمَا أَنْسَانِيهُ)) الكهف:٦٣، هذا الأصل، لكن الآن قد يظن الظان يقول: عليهِ كسرة، لما ضمت بـ: ((وَمَا أَنْسَانِيهُ)) الكهف:٦٣، نقول السؤال عكس: ((أَنْسَانِيهُ)) الكهف:٦٣، على الأًصل، وعليه هو الذي على؟؟؟، لما ثقل النطق بها بعد ياء ساكنة ويناسب الياء لينتقل منها من كسر -يعني: لأنها في قوة كسرتين- إلى كسر، نقول: نقلت الضمة من ضمة إلى كسرة في (عليهِ) علي: الياء هذه ساكنة، الانتقال من سكون ياءٍ أو من ياءٍ إلى كسر أخف من الانتقال من ياء إلى ضم، عليهِ عليهُ، أيهما أخف؟ حينئذٍ خففت الضمة فصارت كسرة ((عَلَيْهِ))، إذاً ((عَلَيْهِ)) , فرع وليس بأصل، و ((عَلَيْهُ)) , هذا هو الأصل، صارت الضمة كسرة لمناسبة الياء؛ لأن الياء عبارة عن كسرتين بقوة كسرتين، حينئذٍ ثقل الانتقال من كسر إلى ضمٍ، ولذلك فِعُل لا يوجد في اللغة، فِعُل الانتقال من كسر إلى ضم هذا ممتنع؛ للثقل، هنا كذلك ((عَلَيْهُ)) الفاتحة:٧ هذا هو الأصل، ((وَمَا أَنْسَانِيهُ)) الكهف:٦٣، ((بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ)) الفتح:١٠، إذاً: على الأصل هذا لا يسأل عنه، إذاً الهاء نقول: الأصل فيها أنها تضم إلا إن وليت كسرة أو ياءً ساكنة، حينئذٍَ يكسرها غير الحجازيين، وأما الحجازيون فهم يضمونها وبها قرأ حفص: ((وَمَا أَنْسَانِيهُ)) الكهف:٦٣، والآية التي ذكرناها.
إذاً: كَالْيَاء وَالْكَافِ ... وَالْيَاءِ والهَاء: هذه أمثلة للضمير المتصل، منها ما هو في محل نصب، ومنها ما هو في محل رفع وزدنا عليه تاء الفاعل.
ثم قال رحمه الله تعالى:
وَكُلُّ مُضْمَرٍ لَهُ الْبِنَا يَجِبْ ... وَلَفْظُ مَاجُرَّ كَلَفظِ مَانُصِبْ
وَكُلّ مُضْمَرٍ لَهُ الْبِنَا يَجِبْ: هل استفدنا معنى جديد أو حكم جديد من هذا الشطر؟
الحكم الذي دل عليه ما هو؟ الضمائر مبنية، هل هذا كـ: السماء فوقنا، والأرض تحتنا، والنار محرقة؟ مثله أم فيه شيء جديد؟
الظاهر -والله أعلم- ما فيه شيء جديد، يعتذروا لابن مالك.
وَكُلّ مُضْمَرٍ لَهُ الْبِنَا يَجِبْ: فإن قيل هذا الحكم معلوم مما سبق كالشَّبَهِ الْوَضْعِيِّ فِي اسْمَيْ جِئْتَنَا، أجبنا بأن ذاك الشطر دل على أن التاء ونا مبنية وهنا عمم الحكم، لكن نحن قررنا فيما سبق أنه أراد بذلك الشطر باب المضمرات.
على كلٍ:
وَكُلّ مُضْمَرٍ لَهُ الْبِنَا يَجِبْ: قيل كان الأولى أن يقدم هذا البيت على تقسيم الضمير إلى المتصل وغيره، أو تأخيره عنه بالكلية؛ لأنه قال:
وَلَفْظُ مَاجُرَّ كَلْفظِ مَانُصِبْ
لِلرَّفْعِ وَالنَّصبِ
ثم قال هناك: