حينئذٍ: أيهم يضربُ على أن الأصل أيهم هو يضرب، نقول هذا لا يصح حذف العائد البتة، أو أيهم أبوه قائم، أو أيهم عندك أو في الدارِ كذلك كلها نقول لا يجوز الحذف فيها، أما إذا كان الباقي غير صالح للوصلِ، بأن كان مفرداً كما مثلنا: أَيُّهُمْ أَشَدُّ، أو خالياً عن العائد نحو: ((وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ)) الزخرف:٨٤ جاز -يعني الحذف للعلم بالمحذوف-.
إذاً الحذفُ في باب العائد على الموصول هذا إما أن يكون مرفوعاً وإما أن يكون منصوباً أو مخفوضاً إن كان مرفوعاً لا يجوز حذفه إلا بشرطين وهما:
أولاً: أن يكون مبتدأً مرفوعاً بالابتداء.
ثانياً: أن يكون الخبر بعد حذفه مفرداً.
إن انتفيا أو انتفى أحدهما امتنع الحذف، ثم نقول: إن صلح الباقي بعد حذف المحذوف لأن يكون جملةً للصلة امتنع الحذف، وهل هذه القاعدة عامة، أم أنها خاصة بالمرفوع؟
عامة، بمعنى أنها تشمل المرفوع والمنصوب والمخفوض، ولذلك كلام ابن مالك هنا غير مرتب في هذه الأبيات، يعني: ذَكَرَ حكم (أَيٍّ)، ثم انقطع عنها، ثم رجع إلى حكم (أَيٍّ) ... الخ، فالكلام فيه إيهام كما انتقده ابن عقيل في آخر شرحه.
إِنْ صَلُحَ الْبَاقِي لِوَصْلٍ مُكْمِلِ: لما ذكر هذه الجملة في سياق الكلام على العائد المرفوع قد يُظن أنه خاصٌ بالمرفوع، والصواب أنه عام يشمل المنصوب ويشمل المخفوض، فإذا قلت مثلاً: حذف العائد الذي يوهم اللبس، جاء الذي زيداً ضَرَبْتُهُ، هل يصح حذف العائد ضربته –الضمير-؟
جاء الذي زيداً ضَرَبتُه، قلنا: يجوز تقديم بعض أجزاء الصلة على بعضها، زيداً ضربتُه، هل يصح أن يحذف الضمير، فتقول: زيداً ضربتُ، الجواب: لا. لماذا؟ لأنه يُوهم أن زيداً هذا معمول لضربت، وهو ليس معمولاً له، بل هو معمول لفعل محذوف من باب الاشتغال.
إِنْ صَلُحَ الْبَاقِي لِوَصْلٍ مُكْمِلِ: لأنه لا يُفطن لحذفه، ومنه نأخذ الشرط الثاني في صحة الحذف، وهو كونه خبراً مفرداً يعني: من هذه الجملة: إِنْ صَلُحَ الْبَاقِي لِوَصْلٍ مُكْمِلِ: علمنا أنه إن لم يَصلُح حينئذٍ جاز، وهذا إنما يتعيَّن في حالة واحدة فحسب، وهي أن يكون الخبرُ مفرداً، لأننا قلنا حذف المرفوع بشرطين، أن يكون مبتدأً، وهذا أخذناه من: وَصَدْرُ وَصْلِهَا ضَمِيرٌ انْحَذَفْ. أن يكون مرفوعاً هل يمكن أخذه من كلام المصنف؟ نقول: نعم، لأنه قال: وَأَبَوْا يعني النُحاة أنْ يُخْتَزَلْ ومنه المرفوع إِنْ صَلُحَ الْبَاقِي لِوَصْلٍ مُكْمِلِ، ومتى يصَلُحَ الْبَاقِي لِوَصْلٍ مُكْمِلِ؟ إذا لم يكن مفرداً، فإن كان مفرداً مثل: ((أَيُّهُمْ أَشَدُّ)) مريم:٦٩ حينئذٍ لا يصلح أن يكون جملة لصلة الموصول.
إِنْ صَلُحَ الْبَاقِي لِوَصْلٍ مُكْمِلِ: إلى هنا انتهى الكلام في المرفوع.
ثم قال:
................................... ... وَالْحَذْفُ عِنْدَهُمْ كَثِيرٌ مُنْجَلي
بِفِعْلٍ اوْ وَصْفٍ كَمَنْ نَرْجُو يَهَبْ
فِي عَائِدٍ مُتَّصِلٍ إِنِ انْتَصَبْ
وَالْحَذْفُ: هذا مبتدأ.
عِنْدَهُمْ: يعني عند العرب، نُطقاً –وضعاً-، أو بالحكم عند النُحاة، عِنْدَهُمْ وهو الظاهر أنه العرب.
كَثِيرٌ: هذا خبر المبتدأ.