((وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ)) النساء:٢٥ أَنْ تَصْبِرُوا أن: حرف مصدر، وتصبروا: هذا فعل مضارع منصوب بـ (أن)، (أن) وما دخلت عليه في تأويل مصدر. مصدر هذا ما إعرابه؟ مبتدأ، وهل إعراب المصدر المنسبك من (أن) وما دخلت عليه إعرابي محلي أو تقديري؟ فيه خلاف، والصحيح أنه إعراب محلي، أنه كالمبنيات؛ لأن التقديري هو ما تعلق بالحرف الأخير فحسب، وأما المبني فهو ما تعلق بجوهر الكلمة، وحينئذٍ: ((وَأَنْ تَصُومُوا)) البقرة:١٨٤ نقول: هذا التحليل كونه (أن) وما دخلت عليه هذا من جهة المعنى، وإلا من جهة اللفظ فهو (أن) حرف، وتصوموا أو تصبروا هذا فعل في اللفظ، وحينئذٍ لا يكون محلاً للإعراب. أين الكلمة التي تكون محلاً للإعراب؟ أما صيامكم وصومكم أو صبركم نقول: هذا تحليل من جهة المعنى.
إذاً: الاسم يشمل نوعين: الاسم الصريح، وهو ما لا يحتاج في تأويله إلى مصدر، لا نحتاج، زيد قائم. والاسم المؤول بالصريح هذا كـ: أَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ، وكذلك: (تَسْمَعُ بالمَعِيدِيِّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ).
الاسم العاري يعني المجرد عن العوامل اللفظية، وهذا أخرج به اسم كان، كان زيد قائماً، زيد هذا اسم مرفوع، ولكنه لم يتجرد عن العوامل اللفظية، والعوامل جمع عامل، و (أل) فيه للجنس المبطلة للجمعية، فلا يقال: إنه لا يكون مبتدأً إلا إذا وجدت فيه ثلاث عوامل؛ لأن أقل الجمع ثلاث ... أي: جنس العوامل اللفظية، فهي منفية عن المبتدأ، فلا يتقدم المبتدأ عامل لفظي البتة، والعامل اللفظي سبق حده: وهو أنه منا للسان فيه حظ، يعني ينطق به ويلفظ به كالفعل: كان زيد، كان نطقت بها لفظت بها، لم، لن، إن، في، الباء، يقوم، قم، نقول: هذه كلها عوامل لفظية؛ لأنك نطقت بها.
وأما العامل المعنوي وهو ما ليس للسان فيه حظ، يعني: لا ينطق به، وهذا قلنا يشمل نوعين: الابتداء في باب المبتدأ، والذي يأتي معنا، والتجرد في باب الفعل المضارع.
والعامل عرفناه بماذا؟ ما أوجب كون آخر الكلمة على وجه مخصوص من رفع أو نصب أو خفض أو جزم.
إذاً: المجرد أو العاري الاسم الذي عري وخلا وتجرد عن العوامل اللفظية، هذا فيه إشارة إلى أن عامل المبتدأ معنوي وليس بلفظي. هل دخل معنا التجرد عامل الفعل المضارع إذا لم يتقدمه ناصب ولا جازم؟ إذا قلنا: العاري عن العوامل اللفظية دخل معنا الفعل يقوم؛ فإنه عري عن العوامل اللفظية، خرج بالاسم، فلا يرد معنا الفعل المضارع المرفوع بأن عامله ليس لفظياً، بل هو معنوي، نقول: نعم، لكنه خرج بقولنا: الاسم.
إذاً: العاري عن العوامل اللفظية، أي: المجرد مخرج لنحو الفاعل ونائبه؛ فإنه لم يعر عن العوامل اللفظية. قام زيد، زيد هذا اسم صريح مرفوع لكنه لم يتجرد عن العامل اللفظي وهو قام، كان زيد وزيد هذا اسم صريح مرفوع لكنه لم يتجرد عن العامل اللفظي فلا يكون مبتدأً. ضُرِبَ زيدٌ، زيد هذا اسم صريح مرفوع لكنه ليس مبتدأً لأنه لم يتجرد عن العامل اللفظي وهو ضُربَ.