والصحيح أن المرفوع فيما إذا سبقه حرف جر زائد أو المنصوب مطلقاً إذا سبقه حرف جر زائد حينئذٍ يكون الإعراب تقديرياً ولا يكون محلياً وإن قيل به. هل الإعراب -تقدير الضمة هنا- الإعراب ((خَالِقٍ))؛ هل إعرابه تقديري أو محلي؟ قيل: محلي، وهو ضعيف، والصواب أنه تقديري؛ لأن الكلمة ملفوظ بها، وإذا كانت ملفوظاً بها حينئذٍ ننظر فيها؛ هل هي مبنية أو معربة؟ إذا كانت معربة حينئذٍ نقول: هل الحرف الأخير قابل لظهور الحركة أو لا؟ إن كان قابلاً زيدٌ حينئذٍ قلنا: هذا إعرابه ظاهر. إن لم يكن قابلاً حينئذٍ هل عدم قبوله لذاته أم لعارض؟ على القولين على النوعين يكون إعراباً تقديرياً، لأن إعراب الفتى نقول: هذا تقديري لذات الحرف، وغلامي هذا إعراب تقديري لا لذات الحرف وإنما لما عرض للحرف.
((مِنْ خَالِقٍ)) فاطر:٣ ((خَالِقٍ)) لولا وجود من لظهر الإعراب، لو قال: هل خالق غير الله؟ حينئذٍ ظهر الإعراب. إذاً: ليس كغلامي وليس كالفتى.
((خَالِقٍ))؛ نقول: الضمة هنا مقدرة على الصحيح وليس الإعراب محلياً، ورفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
إذاً: غيرِ الزائدة لإدخال المجرور يعني المبتدأ المجرور، كيف مبتدأ مجرور؟؟؟؟ مرفوع، وَرَفَعُوا مُبْتَدَأً بالاِبْتِدَا، نقول: لإدخال المبتدئ المجرور لفظاً، وحينئذٍ هو من حيث اللفظ مجرور، ومن حيث المحل يعني التقدير فهو مرفوع، يعني محل الكلمة نفسها، فهو مرفوع.
((مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ)) المائدة:١٩ بَشِيرٍ هذا فاعل، جَاءَ: فعل ماض، ونَا: مفعول به، وبَشِيرٍ، من: حرف جر زائدة، وبَشِيرٍ: هذا مفعول به. ((وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ)) الأنبياء:٢٥ هذا مفعول به كذلك. بَشِيرٍ: هذا فاعل، ومِنْ رَسُولٍ: هذا مفعول به.
إذاً: غيرِ الزائدة لإدخال المجرور بحرف جر زائد، نحو: هَلْ مِنْ خَالِقٍ؟ وهنا الحرف قياسي، وبحسبك درهم؛ وهذا سماعي.
وشبه الزائدة مثل: رُبَّ، رُبَّ شبيهة بالزائدة.
الفرق بين الزائد والشبيه بالزائد: كلاهما لا يحتاجان إلى متعلق. الزائد ليس له معنىً من المعاني التي وضع لها في لسان العرب، حينئذٍ إذا استعمل لم يستعمل في معناه، ولو قيل: هل من خالق؟ من نقول: (مِن): حرف جر، وضع في لسان العرب لتدل على التبعيض مثلاً ولبيان الجنس، وحينئذٍ هل استعملت في هذا التركيب (مِن) بمعناها الأصلي الذي وضع له في لسان العرب؟ الجواب: لا قطعاً، وحينئذٍ لماذا جيء بها؟ نقول: جردت عن معناها الأصلي، وزيدت من أجل إفادة التأكيد، إذاً لها معنى، لكن ليس هو المعنى الذي وضع لها في لسان العرب، وهذا مراد النحاة بأنه حرف جر زائد، وليس مرادهم أنه يحذف حتى نبالغ في إنكار التعبير هذا وفي الاصطلاح.
نقول: مرادهم أن له معنى، وهذا المعنى هو التأكيد، إذاً: لا إشكال فيه، هو له معنى لكن باعتبار كونه لم يستعمل في معناه الذي وضع في لسان العرب صار زائداً، وأما هل له معنى أو لا؟ لا يختلف اثنان من النحاة باتفاق أنه له معنى وهو التأكيد.