(إن) شرطية، إن تطابقا في غير الإفراد، إنْ في سِوَى الإِفْرَادِ: في غير الإفراد، سوى هنا بمعنى غير، وهو مضاف والإفراد مضاف إليه، وطبقاً مصدر، والمراد به الحال، يعني أن يكون مطابقاً وهو حال من فاعل استقر، أي استقر الوصف مطابقاً لما بعده في غير الإفراد أي: في التثنية والجمع، هذا معنى البيت، أي: استقر الوصف مطابقاً لما بعده في غير الإفراد، أي في التثنية والجمع نحو: أقائمان الزيدان، وأقائمون الزيدون، هذا المثال لما ذكره المصنف، ولا يجوز أن يكون الوصف في هذه الحالة مبتدأ، وما بعده فاعلاً أغنى عن الخبر إلا على لغة أكلوني البراغيث، وهي لغة ضعيفة لا يعول عليها، ولا يجوز تخريج القرآن عليها البتة، فمن قال بهذا فقد غلط وأخطأ خطأً فاحشاً.
الوصف مع الفاعل إما أن يتطابقا إفراداً أو تثنية أو جمعاً أو لا يتطابقا.
إن تطابقا عرفنا الحكم، إفراداً جاز أن يكون الأول مبتدأ والثاني فاعل سد مسد الخبر، وجاز العكس، وإن تطابقا تثنية أو جمعاً تعين أن يكون الثاني مبتدأ مؤخر والأول خبر، فإن لم يتطابقا، حينئذ منه ما هو ممنوع يعني لا يصح لغة ومنه ما هو ليس ممنوع، إذا قيل: أقائم زيد تطابقا، إذا لم يتطابقا أقائم الزيدان جائز، أقائم الزيدان، أقائم الزيدون، جائز، أقائمان زيد، أقائمون زيد، أقائمان الزيدون، أقائمون الزيدان .. كله لا يصح هذا، لماذا؟ لأن كلاً منهما إما متقدم أو متأخر، مبتدأ وخبر، حينئذ لا بد من التطابق.
إذا كان المبتدأ مفرداً تعين أن يكون الخبر مفرداً، وإذا كان المبتدأ مثنى تعين أن يكون الخبر مثنى، وكذلك في حالة الجمع.
فإن تطابقا إفراداً نحو أقائم زيد جاز فيه وجهان:
أحدهما: أن يكون الوصف مبتدأ وما بعده فاعل سد مسد الخبر، وهذا هو الأصل.
والثاني: أن يكون ما بعده مبتدأً مؤخراً، ويكون الوصف خبراً مقدماً، ومنه قوله تعالى: ((أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي)) مريم:٤٦ فيجوز أن يكون (راغب) مبتدأ، و (أنت) فاعل سد مسد الخبر، والأولى أن يقال بالمنع في هذا، لوجود عارض يمنع من التقديم والتأخير؛ لأن ((عَنْ آلِهَتِي)) مريم:٤٦ هذا جار ومجرور متعلق بقوله: راغب، فإذا كان كذلك حينئذ لا يفصل بين العامل ومعموله بأجنبي، فإذا جعل راغب خبراً مقدم، وأنت مبتدأ مؤخر، وعن آلهتي متعلق براغب إذاً فصل بينهما أجنبي، وهذا ممتنع.
وإن تطابقا تثنية نحو أقائمان الزيدان أو جمعاً نحو: أقائمون الزيدون، فما بعد الوصف مبتدأ، والوصف خبر مقدم، وهذا معنى قول المصنف: وَالثَّانِ مُبْتَداً وَذَا الْوَصْفُ خَبَرْ إلى آخر كلامه، وإن لم يتطابقا وهو قسمان ممتنع وجائز، فمثال الممتنع: أقائمان زيد، هذا فاسد أقائمون زيد هذا التركيب غير صحيح، لا يقال بأنه لغة.
ومثال الجائز أقائم الزيدان، أقائم الزيدون، حينئذ يتعين أن يكون الوصف مبتدأ وما بعده فاعل سد مسد الخبر.