وبرح بمعنى: ذهب أو ظهر. واختلف في (كان) الشانية؛ هل هي ناقصة، أم تامة، أم أنها قِسم برأسها؟ فالجمهور على أنها ناقصة، وقيل: من أقسام التامة، وقيل: قسم برأسها. الصحيح أنها من أقسام الناقصة.
إذاً: (كان) تأتي تامة وتأتي ناقصة إذا جاءت تامة حينئذ تكتفي بمرفوعها عن منصوبها. {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} البقرة إن وجد إن ثبت لا بأس، تتناوب.
وقوله تعالى: ((خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ)) هود:١٠٧ يعني: ما بقيت السَّمَوَاتُ، هنا (دام) تامة، فحينئذ تكتفي بمرفوعها. ((مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ)) هود:١٠٧ يعني: ما بقيت.
((فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ)) الروم:١٧ تمسون أي: تدخلون في المساء، وتصبحون يعني: تدخلون في الصباح. وهذا هو معنى التمام.
إذاً: وَذُو تَمَامٍ مَا بِرَفْعٍ يَكْتَفِي
وَمَا سِوَاهُ نَاقِصٌ
ما سوى الذي لا يكتفي بمرفوعه، بل لا بد أن يفتقر إلى منصوب فينصبه، وحينئذ نقول: هذا ناقص. ثم الأفعال قسمان: منها ما هو لازم للنقص، وهو الذي حصره في الشطر الآتي: والنقص في فتئ وليس وزال على إسقاط حرف العطف.
دَائِماً قُفِي: يعني تُبع دائماً.
وما عداه حينئذ يأتي بالوجهين: تارة يكون تاماً، وتارة يكون ناقصاً.
أشار إلى أن التمام: الاكتفاء بالمرفوع، والنقصان: الافتقار إلى المنصوب.
وتسمية هذه الأفعال ناقصة لنقصانها عن بقية الأفعال بالافتقار إلى شيئين، وقيل: لنقصانها عنها بتجردها عن الحدث، أي: من الحدث المقيد؛ لأن الدال عليه هو الخبر، أما هي فتدل على حدث مطلق يقيده الخبر حتى (ليس) وحدثها الانتفاء، (ليس) الجمهور على أنها ليس لا حدث، وإنما هي لنفي الحال فقط، للنفي هل لها حدث؟ ليس لها حدث، وذهب الرضي إلى أن لها حدث وهو الانتفاء، وحينئذ الانتفاء هذا مصدر انتفى ينتفي انتفاءً، حدثها هو الانتفاء، ورده عليهم كثير، لماذا؟ لأنها وإن كانت فعلاً إلا أنها من جهة أصل الوضع دلت على حدث، لكن باستعمالها لنفي الحال جردت عن الحدث، وهذا موافق لما ذكروه في تعريف الفعل.
وحدثها الانتفاء، فإذا قلت: كان زيد قائماً أو ليس زيد قائماً فكأنك قلت في الأول: حصل شيء لزيد حصل القيام، حصل شيء لزيد هذا عام، حصل القيام، وفي الثاني انتفى شيء عن زيد، انتفى القيام، فيكون في الكلام إجمال ثم تفصيل، وعليه؛ فتعمل في الظروف، وقيل: لا تدل على الحدث أصلاً بل هي لنسبة الحدث الدال عليه خبرها إلى مرفوعه وزمانه. وهذا خلاصة ما ذكره الرضي لأنه خالف الجمهور في هذه المسألة بأن (ليس) لها حدث وهو الانتفاء. وكثير من النحاة يرون أنها ليست دالة على حدث.
ثم قال رحمه الله تعالى:
وَلاَ يَلِي الْعَامِلَ مَعْمُولُ الْخَبَرْ ... إِلاَّ إِذَا ظَرْفاً أَتَى أَوْ حَرْفَ جَرْ