قال: ويخرج من كلامه أنه إذا تقدم الخبر والمعمول على الاسم وقدم الخبر على المعمول جازت المسألة. لو قال: كان آكلاً طعامك زيد، يجوز؟ هذا مثل: ((وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)) الروم:٤٧ فيجوز لتقدم الخبر على الاسم، وهنا لم يتلُ معمول الخبر العامل، وإنما الذي تلاه هو الخبر وليس بأجنبي.
إذاً: يخرج من كلامه إذا تقدم الخبر والمعمول على الاسم.
وقدم الخبر على المعمول جازت المسألة؛ لأنه لم يلي (كان) معمول خبرها، فتقول: كان آكلاً طعامك زيد، ولا يمنعه البصريون، وهذا واضح بين لعدم وجود الأجنبي الذي يلي (كان).
وَمُضْمَرَ الشَّانِ اسْماً انْوِ إِنْ وَقَعْ ... مُوهِمُ مَا اسْتَبَانَ أَنَّهُ امْتَنَعْ
نحن قعدنا قاعدة: أن معمول الخبر لا يلي (كان)، إذا سمع في لسان العرب ما ظاهره أن معمول الخبر تلا (كان) ماذا نصنع؟ لا بد من التأويل، وهذه طريقة البصريين، لا بد من التأويل. من التأويل الصحيح عندهم: أنه يجعل اسم (كان) ضمير الشأن محذوف واجب الحذف، والجملة التي تليه مبتدأ وخبر في محل نصب خبر (كان)، وحينئذ لم يلي كان معمول الخبر، فصلوا بين كان والجملة التي تليها بالاسم المحذوف وهو مضمر الشأن.
قال: وَمُضْمَرَ الشَّانِ: هذا مفعول مقدم لـ: انْوِ، وهو من إضافة الدال إلى المدلول.
َمُضْمَرَ الشَّانِ: هذا الضمير التفسيري يسمى، المفسر، وبعضهم يسميه ضمير القصة، وهو يرجع إلى جملة بعده كما ذكرناه، يرجع إلى جملة، يعني: لا بد أن يفسر بجملة، ومرجعه يكون متأخراً، وأبرز وأوضح مثال: ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)) الإخلاص:١ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، " هُوَ": هذا مبتدأ، هذا ضمير الشأن. اللَّهُ أَحَدٌ: مرجع الضمير الجملة هي التي فسرها، لو قال: " هُوَ" هو، على أي شيء يرجع هذا؟ ليس له مفسر، لو قال هكذا لوحده: " هُوَ"، وهو قول الصوفية وغيرهم، نقول: هذا ليس له مرجع، ليس بكلام، هذه خرافة؛ لأن " هُوَ" لا بد من مرجع ضمير مفسر، هذا بإجماع النحاة. الأصل في الضمير أن يكون مرجعه سابقاً عليه، وهنا في ضمير الشأن يكون مرجعه متأخراً ثم يكون جملة ولا يكون مفرداً، زيد ضربته مرجع الضمير زيد وهو مفرد، لكن هنا: ((هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)) الإخلاص:١ اللَّهُ: مبتدأ، وأَحَدٌ: خبر، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ الأول، وحينئذ نقول: مرجع الضمير الجملة، والجملة مفسرة للضمير.
وَمُضْمَرَ الشَّانِ اسْماً انْوِ: انْوِ مُضْمَرَ الشَّانِ اسْماً، اسماً لماذا؟ لـ (كان).
انو مضمر الشأن، {إنما الأعمال بالنيات} انْوِ، فهو ليس مذكوراً، وإنما يقدر وينوى، فحينئذ: انو مضمر الشأن حالة كونه اسماً، اسماً لماذا؟ لأي شيء؟ لـ (كان) من أجل فك الجملة عما بعدها، ولأجل ألا يلي معمول الخبر (كان) فنأتي باسم محذوف هو ضمير الشأن، انو في العامل مضمر الشأن اسماً حال من مضمر، أي: حالة كونه محكوماً باسميته لـ (كان) فيفيد أن (كان) لشأنية، هذه تسمى (كان) الشأنية، (كان) على أنحاء، (كان) الناقصة و (كان) التامة و (كان) الشانية و (كان) الزائدة، أربعة أنواع، مر معنا ثلاث، هذه الثالثة، وبقي (كان) الزائدة:
وَقَدْ تُزَادُ كَانَ فِي حَشْوٍ