يعني إذا جاءت (إنَّ) ولا تدري هل هي (إنَّ) أو (أن) تنظر في هذه الجملة، هل يمكن أن تكون في مقام مفرد؟ بحيث يحتاجها ما قبلها أن يكون فاعل، أو مبتدأ، أو حال .. أو نحو ذلك، إن صح أن تعرب هذه الجملة في محل مفرد فيتسلط عليها العامل، فوجب حينئذٍ فتح (أن) مثل ماذا؟ ((أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا)) العنكبوت:٥١ ننظر في: أَنَّا أَنْزَلْنَا أو إِنَّا أَنْزَلْنَا -القراءة ثابتة-؟ لكن نقول هنا: إذا تردد هل هي بالكسر أو بالفتح؟ نقول: انظر ما قبلها ((أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ)) العنكبوت:٥١ يكفي هذا فعل، فحينئذٍ ننظر في هذه الجملة، ذاك الفعل لم يستوف فاعله، هل يمكن أن نجعل هذه الجملة تقوم مقام الفاعل وهو مفرد في المعنى؛ لأن (أن) تؤول بمفرد مصدر إن أمكن وصح صناعة، يعني في الإعراب حينئذٍ وجب فتح أن، فإن لم يمكن وجب كسر (إن).
إن جاز الوجهان يعني يمكن أن تكون جملة مستقلة، ويمكن أن يوجد مفرد فتكون الجملة في قوة المفرد تسلط عليها العامل السابق، ويمكن أن يتخلى عن هذا المفرد من جهة الإعراب .. حينئذٍ نقول: جاز الوجهان.
وكل ما اختلف فيه مرده إلى هذه المواضع الثلاثة، ثلاثة ضوابط لكل هذه الأبواب:
كل موضع يحتاج فيه ما قبل (إن) إلى مفرد، ولا يجوز صناعة أن يكون جملة فإن همزة (إن) تكون مفتوحة.
الثاني: كل موضع يحتاج فيه ما قبل (إن) إلى جملة ولا يجوز صناعة أن يكون مفرداً تكون همزة (إن) مكسورة.
ثالثاً: كل موضع يجوز فيه الوجهان صح فيه فتح الهمزة وكسرها، حينئذٍ من عنده ملكة في الإعراب يستطيع أن يعرف هذا الموضع هل هو بالكسر أو بالفتح.
قال رحمه الله: وَهَمْزَ إِنَّ افْتَحْ لِسَدِّ مَصْدَرِ ... مَسَدَّهَا
وَهَمْزَ إِنَّ هذا بالنصب هَمْزَ مفعول به لقوله: افْتَحْ، افتح همز إن، متى؟ لِسَدِّ مَصْدَرِ مَسَدَّهَا
إذا صح أن يسد المصدر مسد الجملة حينئذٍ وجب فتح (إن) فيقال: أن.
وما سِوَى ذَاكَ إذا لم يصح أن تؤول الجملة بمصدر اكسر. افتح قال: اكسر، كم موضع؟ وَهَمْزَ إِنَّ افْتَحْ، وما سِوَى ذَاكَ اكْسِرِ كم موضع؟ موضعان، ونحن نريد أن ندخل الموضع الثالث، لا بد من إدخاله، فحينئذٍ إما أن نجعل افْتَحْ ليس على الوجوب –الأول-، وإما أن نجعل اكسر –الثاني- ليس على الوجوب، لا بد من التأويل في واحد منهما.
وَهَمْزَ إِنَّ افْتَحْ وجوباً، وجوباً بمعنى: أنه لا يجوز الكسر، هذه حالة واحدة.
وما سِوَى ذَاكَ اكْسِرِ وجوباً وجوازاً، فشمل حالتين.
وَهَمْزَ إِنَّ افْتَحْ وجوباً وجوازاً، وما سِوَى ذَاكَ اكْسِرِ وجوباً، إما أن يكون التأويل في الأول وإما أن يكون التأويل في الثاني، فيحمل صيغة افعل على الحقيقة والمجاز، افتح وجوباً وجوازاً، فيشمل ما تعين فيه الفتح، وهو المواضع التي يجب فيها فتح همزة (إن)، والمواضع التي يجوز فيها الوجهان ويفتح فيها في أحد الوجهين همزة (إن)، ويختص قوله: وما سِوَى ذَاكَ اكْسِرِ بالوجوب، أو بالعكس: هَمْزَ إِنَّ افْتَحْ يعني وجوباً لا يجوز إلا الفتح، وما سِوَى ذَاكَ اكْسِرِ وجوباً فيما لا يجوز فيه إلا الوجوب وجوازاً فيما جاز فيه الفتح، فيكون مرجحاً من هذه الحيثية.