قلنا: يحذف الفاعل كما سبق وكذلك يحذف الفعل، وهل يحذفان معاً؟ لا يمكن أن يحذفان معاً أبداً، وإنما يحذف الفاعل فقط، والأصل ذكره، ولذلك تُعَدُّ المواضع التي يحذف فيها الفاعل، وذكرها بعضهم أنها خمسة.
أولاً: لا يجوز حذف الفاعل بل يجب ذكره، وعليه البصريون، وذهب الكسائي إلى جواز حذف الفاعل لدليل كالمبتدأ والخبر، ويستثنى مواضع يجوز فيها حذف الفاعل، ... أولاً: مع رافعه تبعاً له، من باب التبعية.
إذاً: قد يحذفان معاً. إذا قيل: من ضربت؟ زيداً، زيداً مفعول به لفعل محذوف، تقديره: ضربتُ، إذاً حذفت الفعل مع فاعله، إذاً قد يحذف أو لا؟ نقول: قد يحذف مع رافعه تبعاً له، زيداً لمن قال: من ضربت؟
ثانياً: فاعل المصدر: ((أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ)) البلد:١٤ ((يَتِيمًا)) إطعامه يحذف هذا.
الثالث: المؤكد بالنون كما ذكرناه: "لَتُبْلَوُنَّ" فاعل فعل اثنين مؤنث أو الجماعة.
((فَإِمَّا تَرَيْنَ)) مريم:٢٦ الفاعل محذوف هنا، أو إذا حذف للتخلص من التقاء الساكنين.
كذلك نقول أيضاً: الاستثناء المفرغ، ما قام أحد إلا زيد، وهذا من المواضع التي يحذف فيها الفاعل.
كذلك التعجب في نحو: ((أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ)) مريم:٣٨ أَبْصِرْ بهم حذف الثاني لدلالة الأول عليه، الذي على صورة الأمر إذا كان معطوفاً على مثله.
كذلك فاعل الأفعال المكفوفة بـ (ما)، طالما، قلما، كثر ما، المشهور عند النحاة أنها ليس لها فاعل، كفت بـ (ما) لا تطلب فاعلاً، وذهب بعضهم -وهو أقيس- أن (ما) مصدرية تؤول مع ما بعدها بمصدر.
إذاً: يحذف متى؟
مع رافعه -تبعاً لرافعه-.
ثانياً: فاعل المصدر.
ثالثاً: المؤكد أو التخلص من التقاء الساكنين.
رابعاً: الاستثناء.
خامساً: التعجب.
سادساً: فاعل الأفعال المكفوفة.
قال: وَيَرْفَعُ الْفَاعِلَ فِعْلٌ أُضْمِرَا
بمعنى: أن الفاعل قد يلفظ دون عامله، وهذا قد يكون جائزاً وقد يكون واجباً، وأشار إليه بقوله: أُضْمِرَا، فـ أُضْمِرَا هنا استعمله بمعنى المحذوف، وهذا كما سبق في قوله: اسْتَكَنْ:
وَإِنْ تُخَفَّفْ أَنَّ فَاسْمُهَا اسْتَكَنْ
اسْتَكَنْ هناك مجاز عن الحذف، هنا أُضْمِرَا الأصل فيه أنه يكون مستتراً، هذا الاستتار هو الإضمار، وحينئذٍ نقول: أراد بالإضمار هنا الحذف، ثم قد يكون هذا الحذف جائزاً وقد يكون واجباً.
وَيَرْفَعُ الْفَاعِلَ فِعْلٌ أُضْمِرَا
أي: حذف إما جوازاً وإما وجوباً، ومثل للجواز بقوله: كَمِثْلِ: زَيْدٌ فِي جَوَابِ مَنْ قَرَا؟ مَنْ قَرَأ؟ زيد، من صلى اليوم؟ محمد، فنقول: محمد هذا فاعل لفعل محذوف تقديره: صلى محمد.