"والمعنى: بُعْدُ ما بَيْنَ المشرقِ والمغرب، فغُلِّبَ لَفْظُ المَشْرِقِ، كما يُقالُ للغَداةِ والعَشِيِّ: العَصْرانِ، قال حُمَيْدُ بن ثور:
ولن يَلْبَثَ العَصْرانِ يومًا ولَيْلةً... إِذا طَلَبا أَنْ يُدْرِكا ما تَيَمَّما
ويقال لأَبِي بكرٍ وعُمَرَ -رضي اللَّه عنهما-: العُمَرانِ، ولِلسِّبْطَيْنِ: الحَسَنانِ، ويقالُ للشمس والقمر: القَمَرانِ، قال الشاعر:
أَخَذْنا بِآفاقِ السَّماءِ عَلَيْكُمُ... لَنا قَمَراها والنُّجُومُ الطَّوالِعُ
يعني: الشمسَ والقمر، ويقال للكوفةِ والبصرة: البَصْرَتانِ والمِصْرانِ، قال الشاعر:
وبَصْرةُ الأَزْدِ مِنّا، والعِراقُ لنا... والمَوْصِلَانِ، ومِنّا مِصْرُ والحَرَمُ
أراد: المَوْصِلَ والجَزِيرةَ، والبَصْرةَ والكُوفةَ".
ب- وفي قوله تعالى: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ} (١)، قال الجِبْلي (٢): "يعني: بَيْنَ ثَمُودَ وبَيْنَ الناقةِ، يَوْمٌ لها ويَوْمٌ لهم، وإنما قال: {بَيْنَهُمْ} لأنّ العربَ إذا أَخْبرت عن بني آدمَ وعن البهائم غَلَّبُوا بني آدمَ على البهائم".
١٤ - علّةُ التخفيف: ومن أمثلتها عنده:
أ- في قوله تعالى: {فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} (٣)، قال الجِبْلي (٤): "وقوله: {هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ} يعنِي: صَنِيعُهُ وحِيلَتُهُ {مَا يَغِيظُ}، قيل: {مَا} بِمعنَى
(١) القمر ٢٨.
(٢) البستان ٣/ ٢٤٠.
(٣) الحج ١٥.
(٤) البستان ١/ ٢٣٣.