تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} (١) قال الجِبلي (٢): "هذا عند المبرّد لفظُه لفظُ الخَبَرِ ومعناه الأَمْرُ، كأنه قال: آمِنُوا وجاهِدُوا، ولذلك قال: {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (٣) بالجزم؛ لأنه جوابُ الأمر، فهو محمولٌ على المعنى".
ولكنّ كلامَ المبرّد في المقتضَب موافقٌ لسيبوَيْه في أن {تُؤْمِنُونَ} و {تُجَاهِدُونَ}: عطفُ بيانٍ للتِّجارة، وليس كما نُقِلَ عنه أنه يَجعَل {تُؤْمِنُونَ} أَمْرًا في المعنى (٤).
وقد ذكر الدكتور محمد عبد الخالق عُضَيْمة أنّ الذي نَسَبَ الرأيَ الأولَ للمبرّد هو ابن الشَّجَري وأبو حَيّان (٥).
وقد رَجَعْتُ إلى غيرهما من الكتب، فوجدتُ أنّ النحّاسَ ومَكِّيًّا قد نَسَباهُ للمبرّد من قبلُ، وقد ذكره النحّاسُ بقوله: "وقد حُكِيَ لنا عن محمد بن يزيد. . . " (٦).
جـ - نَقْلُهُ عن العلماء من كتُبِ غيرِهم: ومن أمثلته في البستان:
١ - أنه نَقَل عن ابن جِنِّي كلامًا من خلال شرح الجُمَل لطاهر بن أحمد، ففي قوله تعالى: {وَنَادَوْا يَامَالِكُ} (٧)، قال الجِبْلي (٨): "قرأ العامّة: {يَامَالِكُ} بإثباتِ الكاف، وقَرأ عَلِيٌّ بنُ أَبِي طالب -رضي اللَّه عنه- والأعمش: {يا مالِ} بحذف
(١) الصف ١٠، ١١.
(٢) البستان ٣/ ٤٠١.
(٣) الصف ١٢.
(٤) ينظر: المقتضب ٢/ ٨٠، ١٣٣، ١٣٤.
(٥) ينظر: أمالِي ابن الشجري ١/ ٣٩٥، البحر المحيط ٨/ ٢٦٠.
(٦) إعراب القرآن ٤/ ٤٢٢، وينظر: مشكل إعراب القرآن لمكي ٢/ ٣٧٤.
(٧) الزخرف ٧٧.
(٨) البستان ٢/ ٤٨٩.