والقَرَبُ: طَلَبُ الماءِ، والقارِبُ: هو الطّالِبُ (١)، ويُرْوَى:
فِي إثْرِ أحْمِرةٍ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ
و"غُرَّبٌ" اسم جَبَلٍ، ذكره صاحب ديوان الأدب (٢).
وقوله: {فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١)} يعني الأسد بلسان العرب، وهو بلسان الحبشة: القَسْوَرةُ، وبلسان فارس: شير، وبلسان النَّبَطِ: أريا (٣).
قال ثعلب (٤): اختلف الناس فيه، فقالت طائفة: القسورة هاهنا: الأسد، وهي "فَعْوَلةٌ" من القَسْرِ وهو القَهْرُ، سُمِّيَ الأسد بذلك لأنه يقهر السباع كلها، وكل ضخم شديد عند العرب فهو قَسْوَرٌ وقَسْوَرةٌ، وقالت طائفة: هم الرُّماةُ رِجالُ القَنْصِ، لا واحد له من لفظه، وقالت طائفة: القَسْوَرةُ: سَوادُ أوَّلِ الليل، ولا يُقالُ لِسَوادِ آخِرِ الليل: قَسْوَرةٌ.
والمعنى: أن المشركين كانوا إذا سَمِعُوا النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرأ القرآنَ هَرَبُوا منه كما تَهْرُبُ الحُمُرُ الوَحْشِيّةُ من الأسد.
قوله: {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (٥٢)} نصب على خَبَرِ ما لَمْ
(١) قال الخليل: "والقُرَّبُ: طَلَبُ الماءِ لَيْلًا". العين ٥/ ١٥٣، وينظر: غريب الحديث للهروي ٣/ ١٨٧، اللسان: قرب، التاج: قرب.
(٢) قال الفارابِيُّ: "وَغُرَّبٌ: اسم موضع". ديوان الأدب ١/ ٣٢٣، ولَمْ يذكر أنه اسم جَبَلٍ.
(٣) قاله ابن عباس، ينظر: جامع البيان ١/ ٢٠، ٢٩/ ٢١٢ - ٢١٣، شفاء الصدور ورقة ١٨٢/ ب، الكشف والبيان ١٠/ ٧٩، تفسير القرطبي ١٩/ ٨٩، اللسان: قسر، اللسان: قسر.
(٤) هذا القول حكاه عنه تلميذه أبو عمر الزاهد في ياقوتة الصراط ص ٥٤٢، وينظر أيضًا: شفاء الصدور ورقة ١٨٢/ أ، تهذيب اللغة ٨/ ٣٩٩.