فصلٌ جامعٌ

عن عُمَرَ بنِ الخَطّابِ -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ اليَتِيمَ إذا بَكَى اهْتَزَّ لِبُكائِهِ عَرْشُ الرَّحْمَنِ -عَزَّ وَجَلَّ-، فيقول اللَّه تعالَى لِمَلَائِكَتِهِ: يا مَلَائِكَتِي: مَنْ أبْكَى هَذا اليَتِيمَ الذي غَيَّبْتُ أباهُ فِي التُّرابِ؟ فتقول الملائكةُ: رَبَّنا أنْتَ أعْلَمُ، فيقول اللَّه تعالَى: يا مَلَائِكَتِي: فَإنِّي أُشْهِدُكُمْ أنَّ مَنْ أسْكَتَهُ وَأرْضاهُ أنْ أُرْضِيَهُ يَوْمَ القِيامةِ" (١)، قال: فكان عُمَرُ -رضي اللَّه عنه- إذا رَأى يَتِيمًا مَسَحَ رَأْسَهُ، وَأعْطاهُ شَيْئًا.

وعن سَلْمانَ الفارِسِيِّ قال: شهِدْتُ يَوْمًا النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذْ أتاهُ رَجُلٌ يَشْكُو إليه قَساوةَ قَلْبهِ، فقال له: "أتُحِبُّ أنْ يَلِينَ قَلْبُكَ وَتُدْرِكَ حاجَتَكَ؟ " فقال: نَعَمْ، قال: "ارْحَمِ اليَتِيمَ، وامْسَحْ بِرَأْسِهِ، وَأطْعِمْهُ مِنْ طَعامِكَ يَلِنْ قَلْبُكَ وَتُدْرِكْ حاجَتَكَ" (٢).

وقال عليه السّلام: "مَنْ مَسَحَ بِرَأْسِ يَتِيمٍ -لَمْ يَمْسَحْهُ إلّا للَّهِ- كانَ لَهُ بِكُلِّ شَعَرةٍ تَمُرُّ عَلَيْها يَدُهُ عَشْرُ حَسَناتٍ، وَمَنْ أحْسَنَ إلَى يَتِيمٍ أوْ يَتِيمةٍ عِنْدَهُ كُنْتُ أنا وَهُوَ فِي الجَنّةِ كَهاتَيْنِ" (٣)، وَفَرَّقَ بَيْنَ إصْبَعَيْهِ.

(١) ينظر: الكامل في الضعفاء ٢/ ٣٠٨، الكشف والبيان ١٠/ ٢٣٠، مجمع البيان ١٠/ ٣٨٥، تفسير القرطبي ٢٠/ ١٠١.
(٢) رواه البيهقي في السنن الكبرى ٤/ ٦٠ كتاب الجنائز: باب ما يُستحب من مسح رأس اليتيم، وينظر: المصنف لعبد الرزاق ١١/ ٩٧، مجمع الزوائد ٨/ ١٦٠ كتاب البِرِّ والصِّلةِ: باب ما جاء في الأيتام والأرامل والمساكين.
(٣) رواه الإمام أحمد بسنده عن أبِي أمامة في المسند ٥/ ٢٥٠، ٢٦٥، والطبرانِيُّ في المعجم الكبير ٨/ ٢٠٢، وذكره الهيثميُّ في مجمع الزوائد ٨/ ١٦٠ كتاب البِرِّ والصلة: باب ما جاء في الأيتام والأرامل.