فنراه هنا قد اختار مذهبَ الكوفيِّين على قراءة التشديد في {لَّمَّا}، واختار مذهبَ البَصْريِّين على قراءة التخفيف.
٤ - اختار مذهبَ الكوفيِّين في جواز العطف على موضع اسم "إنَّ" بالرَّفع قبل مجيءِ الخبر، ففي قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} (١)، قال الجِبْلي (٢): "قرأه العامّةُ بنصب التاء، وقَرأَ ابنُ عباس بالرفع عطفًا على محلِّ قوله: {اللَّهَ} قبل دخول {إِنَّ}، كما قال الشاعر:
فَإِنِّي وقيّارٌ بها لَغَرِيبُ
نظيرُه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ} (٣).
وفي قوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} (٤)، قال الجِبْلي (٥): "وارتفع {جِبْرِيلُ} وما بعده عطفًا على محلِّ قوله: {اللَّهَ} قبل دخول {إِنَّ}، نظيرُه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ} (٦).
٥ - اختار مذهبَ الكوفيِّين وبعضِ البَصْريِّين في أنّ حروفَ الخفض ينوبُ بعضُها عن بعض، وصُوَرُ هذه النِّيابة كثيرةٌ في البستان، ومنها:
أ- "عَلَى" بمعنى: اللام، ففي قوله تعالى: {وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ} (٧)،
(١) الأحزاب ٥٦.
(٢) البستان ٢/ ١٣٤.
(٣) المائدة ٦٩.
(٤) التحريم ٤.
(٥) البستان ٣/ ٤٥٧.
(٦) المائدة ٦٩.
(٧) الصافات ١٤٦.