الإخلاص وذلك السيد يعين خادمه في حاجاته فأي هذين العبدين أحسن حالا وأحمد شأنا، وهذا مثل ضربه الله تعالى للكافر الذي يعبد آلهة شتى والمؤمن الذي يعبد الله وحده فكان حال المؤمن الذي يعبد إلها واحدا أحسن وأصلح من حال الكافر الذي يعبد آلهة شتى وهو قوله تعالى: هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا وهذا استفهام إنكار أي لا يستويان في الحال والصفة قال تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ أي لله الحمد كله وحده دون غيره من المعبودين، وقيل لما ثبت أن لا إله إلا الله الواحد الأحد الحق بالدلائل الظاهرة والأمثال الباهرة قال: الحمد لله على حصول هذه البينات وظهور هذه الدلالات بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ أي المستحق للعبادة هو الله تعالى وحده لا شريك له.
قوله تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ أي ستموت وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ أي سيموتون وذلك أنهم كانوا يتربصون برسول الله صلّى الله عليه وسلّم موته فأخبر الله تعالى أن الموت يعمهم جميعا فلا معنى للتربص وشماتة الفاني بالفاني وقيل نعى إلى نبيه نفسه وإليكم أنفسكم والمعنى أنك ميت وإنهم ميتون وإن كنتم أحياء فإنكم في عداد الموتى ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ قال ابن عباس يعني المحق والمبطل والظالم والمظلوم عن عبد الله بن الزبير قال:
«لما نزلت ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ، قال الزبير: يا رسول الله أتكون علينا الخصومة بعد الذي كان بيننا في الدنيا قال: نعم، فقال: إن الأمر إذا لشديد» أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وقال ابن عمر رضي الله عنهما: عشنا برهة من الدهر وكنا نرى أن هذه الآية نزلت فينا وفي أهل الكتابين ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ قلنا كيف نختصم وديننا واحد وكتابنا واحد حتى رأيت بعضنا يضرب وجوه بعض بالسيف فعرفت أنها فينا نزلت وعن أبي سعيد الخدري في هذه الآية قال كنا نقول ربنا واحد وديننا واحد ونبينا واحد فما هذه الخصومة فلما كان يوم صفين وشد بعضنا على بعض بالسيف قلنا نعم هو هذا وعن إبراهيم قال: لما نزلت هذه الآية ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون قالوا كيف نختصم ونحن إخوان فلما قتل عثمان قالوا هذه خصومتنا (خ) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال «من كان عنده مظلمة لأخيه من عرض أو مال فليتحلله اليوم من قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحملت عليه» (م) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال «أتدرون من المفلس قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع قال إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذت من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار». قوله تعالى:
سورة الزمر (٣٩): الآيات ٣٢ الى ٣٦
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ (٣٢) وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣) لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣٤) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (٣٥) أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٦)
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ فزعم أن له ولدا أو شريكا وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أي بالقرآن وقيل بالرسالة إليه أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً أي منزلة ومقام لِلْكافِرِينَ.
قوله تعالى: وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أي والذي صدق به، قال ابن عباس: الذي جاء بالصدق هو