قوله: يليط حوضه ويروى يلوط حوضه يعني يطينه ويصلحه يقال لاط حوضه يليطه أو يلوطه إذا طينه وأصله من اللصوق. الأكلة: بضم الهمزة اللقمة.
وقوله سبحانه وتعالى: يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها يعني يسألونك قومك عن الساعة كأنك حفي بهم بمعنى بارّ بهم شفيق عليهم فعلى هذا القول فيه تقديم وتأخير تقديره يسألونك عنها كأنك حفي بهم. قال ابن عباس: يقول كأن بينك وبينهم مودة وكأنك صديق لهم. قال ابن عباس لما سأل الناس محمدا صلى الله عليه وسلم عن الساعة سألوه سؤال قوم كأنهم يرون أن محمدا صلى الله عليه وسلم حفي بهم فأوحى الله عز وجل إليه إنما علمها عنده استأثر بعلمها فلم يطلع عليها ملكا ولا رسولا وقيل معناه يسألونك عنها كأنك حفي بها أي عالم بها من قولهم أحفيت في المسألة إذا بالغت في السؤال عنها حتى علمتها قُلْ يعني يا محمد إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ يعني استأثر الله بعلمها فلا يعلم متى الساعة إلا الله عز وجل.
فإن قلت: قوله سبحانه وتعالى يسألونك عن الساعة أيان مرساها وقوله سبحانه وتعالى ثانيا يسألونك كأنك حفي عنها فيه تكرار؟
قلت: ليس فيه تكرار لأن السؤال الأول سؤال عن وقت قيام الساعة والسؤال الثاني سؤال عن أحوالها من ثقلها وشدائدها فلم يلزم التكرار.
فإن قلت: عبر عن الجواب في السؤال الأول بقوله تعالى: علمها عند ربي وعن الجواب في السؤال الثاني بقوله تعالى: علمها عند الله فهل من فرق بين الصورتين في الجوابين.
قلت: فيه فرق لطيف وهو أنه لما كان السؤال الأول واقعا عن قيام وقت الساعة عبر عن الجواب فيه بقوله تعالى علم وقت قيامها عند ربي.
ولما كان السؤال الثاني واقعا عن أحوالها وشدائدها وثقلها عبر عن الجواب فيه بقوله سبحانه وتعالى عند الله لأنه أعظم الأسماء وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ يعني لا يعملون أن علمها عند الله وأنه استأثر بعلم ذلك حتى لا يسألوا عنه.
وقيل: ولكن أكثر الناس لا يعلمون السبب الذي من أجله أخفى علم وقت قيامها المغيب عن الخلق قوله سبحانه وتعالى:
سورة الأعراف (٧): الآيات ١٨٨ الى ١٨٩
قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلاَّ ما شاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١٨٨) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩)
قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا قال ابن عباس: إن أهل مكة قالوا يا محمد ألا يخبرك ربك بالسعر الرخيص قبل أن يغلو فتشتري به فتربح فيه عند الغلاء وبالأرض التي يريد أن تجدب فترحل عنها إلى ما قد أخصبت فأنزل الله عز وجل: قُلْ لا أَمْلِكُ أي قل يا محمد لا أملك ولا أقدر لنفسي نفعا أي اجتلاب نفع بأن أربح فيما أشتريه ولا ضرا يعني ولا أقدر أن أدفع عن نفسي ضرا نزل بها بأن أرتحل إلى الأرض الخصبة وأترك الجدبة إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ يعني أن أملكه وأقدر عليه وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ يعني ولو كنت