وقد قام ديلتاي بنقل المصطلح من اللاهوت إلى الفلسفة ثم إلى العلوم الإنسانية. واستخدمه للإشارة إلى المناهج الخاصة بالبحث في المؤسسات الإنسانية والسلوك الإنساني باعتباره سلوكاً تحدده دوافع إنسانية جوانية يَصعُب شرحها عن طريق مناهج العلوم الطبيعية. ومن ثم، فإن الهرمنيوطيقا لا تتناول فقط المعطيات الخام للحواس وإنما تحاول فهم معناها الداخلي. وأصبحت الهرمنيوطيقا بالنسبة لبعض العلماء هي الطريقة الوحيدة الممكنة لقراءة النصوص الدينية والشعرية والتاريخية والفلسفية وأي نص يتحدث عن الإنسان.
والأطروحات الأساسية للهرمنيوطيقا هي (كما لخصها ديلتاي (:
١ ـ التفسير العلمي ليس هو الشكل الوحيد للتفسير. فالتفسير العلمي ينظر للإنسان باعتباره كياناً عضوياً تحركه الدوافع الفيزيقية، بينما يُفترَض أن ننظر إليه باعتبار أن له دوافع داخلية وقيماً.
٢ ـ إننا نفهم العالم الإنساني من خلال طرح أسئلة عليه. ويتحدد كل سؤال، من ناحية الشكل والمضمون، بمقدار الاهتمام الكامن وراءه.
٣ ـ السؤال ذاته يمثل تفسيراً جزئياً للظاهرة موضع السؤال.
ومن هذه الأطروحات، يظهر ما يُسمَّى «الدائرة الهرمنيوطيقية» :
١ ـ لا يمكن أن نفهم أجزاء أية وحدة أو أن نتعامل معها إلا وعندنا إدراك مسبق بالمعنى الكلي، لكننا في الوقت نفسه لا نستطيع معرفة المعنى الكلي إلا من خلال معرفة معاني أجزائه.
٢ ـ ويمكن طرح القضية بطريقة أخرى فنقول: إن التفسير لا يمكن أن يكون إلا بعد أن يبدأ التفسير، فالعالم لا يوجد كموضوع لوعينا إلا من خلال اللغة.
ودائرة الهرمنيوطيقا ليست حلقة مفرغة، إذ أن فهمنا يتعمق من خلال عملية حلزونية تبدأ بالإحساس بالمعنى الكلي، ثم ندرس المكونات الجزئية في ضوء المعنى الكلي فيتعمق المعنى الكلي من خلال معرفة معنى الأجزاء، ثم نعود للأجزاء مرة أخرى ... وهكذا.
الشرح والتفسير (فرشتيهن (