ب) تجربة العرب والمسلمين مع متتالية العلمنة مختلفة، فعمليات العلمنة لم تنبع في واقعهم التاريخي والاجتماعي (رغم وجود عناصر علمنة مختلفة فيه) وإنما أتى بها الاستعمار الغربي.
وقد اختُزلت مناقشة المصطلح إلى طريقة ترجمته، ولم تَعُد القضية هي وصف الظاهرة العلمانية وتحليلها وتسميتها حسبما نراها نحن (من خلال تجربتنا وسعادتنا أو شقائنا بها) بل انصب الجهد الفكري والبحثي على مناقشة أحسن الترجمات لكلمة «علمانية» وأقربها إلى المعجم الغربي وأكثرها دقة. وهكذا سقطنا في الموضوعية المتلقية.
وتُوجَد في المعجم العربي ترجمات مختلفة لكلمة «سكيولار» و «لائيك» :
١ ـ «العلْمانية» (بكسر العين) نسبة إلى «العلْم» .
٢ ـ «العَلْمانية» (بفتح العين) نسبة إلى «العَلْم» بمعنى «العالم» .
٣ ـ «الدنيوية» أي الإيمان بأنها هي الحياة الدنيا ولا يوجد سواها.
٤ ـ «الزمنية» بمعنى أن كل الظواهر مرتبطة بالزمان وبالدنيا ولا علاقة لها بأي ماورائيات.
٥ ـ وتُستخدَم أحياناً كلمة «لائيك» نفسها دون تغيير.
والتأرجح بين الجزئية والشمول يُوجَد بشكل أكثر حدة في العالم الثالث، فهناك حديث عن «علمانية وسطية» (وإن كان هناك أيضاً في الغرب حديث عن «علمانية مسيحية» ، أي عن المسيحية التي تؤدي إلى العلمانية) .
وقد لوحظ، في العالم الثالث، أن ثمة تداخلاً بين مصطلح «علمنة» ومصطلحين آخرين:
ـ «مودرناينز modernize» أي «يُحدِّث» . والمصطلح يعني إعادة صياغة المجتمع بحيث يتم استبعاد المعايير التقليدية وإخضاع كل شيء للمعايير العقلية العلمية المادية التي تتفق مع معايير الحداثة (برؤيتها للإنسان والكون) ، وهذا هو أيضاً الترشيد.